215

الأربعون العقدية

الأربعون العقدية

Издатель

دار الآثار

Номер издания

الأولى

Год публикации

٢٠٢١ م

Место издания

مصر

Жанры

فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ». (^١) ... أقسام الناس مع الشفاعة: الكلام في قضية الشفاعة يدور بين الغلو والجفو، و﴿هَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: ٢١٣]: فالمشركون قد غالَوْا في إثبات الشفاعة، فقاموا يستشفعون بالآلهة الباطلة التي عبدوها من دون الله، أو معه؛ ظنًّا منهم أنّ عبادتها وسيلةٌ لأنْ يشفعَ لهم أصحابُها عند الله ﷿، كما قال تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨]، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ [الزمر: ٣]، فالله ﷿ أبطل هذه الشفاعة الشركية، وحكمَ على من تلبَّسَ بها أنه كاذب كَفَّار. ... وعلى الجانب الآخَرِ... يَجيءُ أصحاب المُجافاة من النُّفاة، وهُمْ: الخوارج، والجهمية، والمعتزلة، الذين أنكروا شفاعة النبي ﷺ في العصاة من أهل الكبائر، الذين ماتوا دون توبة. وأمّا الجهمية: فلمّا كان الإيمان عندهم هو المعرفة، والأعمال خارجة عن مسمَّى الإيمان، والكفر محصور في الجهل بالله -تعالى- فحسْبُ، ولا يُتصور عندهم أن يُعذَّب أحدٌ على ذنبٍ- فإنّ قولهم بإنكار الشفاعة مبني على عدم وجود من تَحْصُلُ له أصلًا. * وأمّا الخوارج والمعتزلة: فلمّا تبنَّوُا الْقولَ إنّ فعل الكبيرة يَسْتوجب أن يخلَّد صاحبُها في نار جهنم، فيرَوْن أنّ مَن زنى - مثلًا - ومات مصرًّا على ذلك لا تنفعه الشفاعة، ولن يأذن الله -تعالى-

(^١) أخرجه مسلم (٩٢٠).

1 / 233