187

الأربعون العقدية

الأربعون العقدية

Издатель

دار الآثار

Номер издания

الأولى

Год публикации

٢٠٢١ م

Место издания

مصر

Жанры

** عَودٌ إلى حديث الباب... قوله ﷺ: «وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ...»: في قوله ﷺ «وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ...» رد على النصارى، وفي قوله ﷺ «ورَسولُهُ» رد على اليهود. وهكذا تكون شهادة الحق لعيسى ﵇ بين المغالاة والمجافاة، بين غلوّ النصارى الذين أَلَّهُوه مِن دُون الله، وبين جفوِّ اليهود الذين كذَّبوه، وزعَموا أنهم صلَبوه! **وبَيْنَ هذا وذاك جاءت وسطية أمّة الإسلام، أمة الإسلام التي هي أَوْلى بكلِّ نبيٍّ كذَّبَه قومُه، وقد تجلَّت هذه الوسطية في نبي الله عيسى ﵇ كما ورد في حديث الباب، وذلك باعتقاد بَشَرية عيسى ﵇، مع الإيمان برسالته إلى بني إسرائيل. ** وما ورد في حديث الباب من الاعتقاد في عيسى ﵇ قد نص عليه كتاب الله -تعالى-: قال -تعالى-: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ [التحريم: ١٢]، فَأَرْسَلَ اللهُ -تعالى- إِلَيْهَا رُوحَه جبريلَ ﵇ فنَفَخَ في جَيْبِ دِرْعِها، فنزلت النَّفْخةُ حتى وَلَجَتْ فَرْجَها، فصارت حاملًا مِن ساعَتِها. * قال ابن كثيرٍ: "أَمَرَ اللَّهُ -تعالَى- جِبريلَ أَنْ يَنْفُخَ بِفِيهِ فِي جَيْب دِرْعِها، فَنَزَلَت النَّفْخَةُ، فَوَلجتْ في فَرْجِها، فَكَانَ مِنْهُ الْحَمْلُ بعِيسَى ﵇". (^١) * وقوله تعالى: «وكَلِمتُهُ ألقاها إلى مَرْيَمَ»: فعيسى كلمةُ الله، وقد سُمِّيَ عيسى ﵇ "كلمةَ الله"؛ لوُجوده ولخَلْقه بكلمةٍ من الله مِن غيرِ أبٍ: قال -تعالى-: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: ٥٩]؛ فبقوله -تعالى- ﴿كُن﴾ خُلِقَ عيسى ﵇، فإنّ "كن" هي كلمة الله ﷿، وهي الكلمة التي ألقاها إلى مريم، وكلمةُ الله ليست مخلوقة، وعيسى ﵇ مخلوقٌ.

(^١) تفسير القرآن العظيم (٨/ ١٧٣).

1 / 204