فلذلك ينبغي لطالب الحديث أن يهتمَّ بهذا، ويكثر من مُدارسة هذا الأمر، حتى يفهم علم الحديث، ويعرف الأسانيد الصَّحيحة المشهورة من الأسانيد الغريبة والضَّعيفة، والمحفوظ من الشَّاذ والمنكر، وأن تكون له دَرَبَة في علم العلل، ليساعده هذا على فهم تعليلات المتقدِّمين للأخبار.
وقد قام الشَّيخ عادل بن عبد الشَّكور الزُّرَقي - وفَّقه الله ... تعالى، بعد جمعه للرُّواة المكثرين الذين تدور عليهم أكثر الأسانيد (^١) - بجمع السَّلاسل المشهورة التي عليها مدار معظم الأحاديث الصَّحيحة. فجمع (١٦٠) سندًا من هذه السَّلاسل، ومعظمها في الصَّحيحين أو أحدهما، وقد بيَّن - جزاه الله خيرًا - ذلك بعد كلِّ سلسلة من هذه السَّلاسل.
وقد ترك سلاسل أخرى مشهورة أيضًا للاختصار، لأنَّ الأحاديث التي تُروى بهذه السِّلسلة أقلُّ من السَّلاسل التي اختارها، أو لعدم صحتها أو لأنَّ هذه السِّلسلة لا يكون صاحبها مكثرًا عن أحد من الصَّحابة بعينه، وإنما يكون مكثرًا عن جمع من الصَّحابة، كسلسلة إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازِم، فهي مشهورة وصحيحة جدًَّا، وقد روى عن إسماعيل جمعٌ من كبار الحفَّاظ، كوَكِيع بن الجرَّاح وجَرِير بن عبد الحميد وشعبة والثَّوري وغيرهم. فقيسٌ ليس مكثرًا عن أحد من الصَّحابة بعينه، وإنما روى عن جمع منهم.
قال سفيان بن عيينة: «ما كان بالكوفة أحدٌ أروى عن أصحاب رسول الله ﷺ من قيس بن أبي حازم».
_________
(^١) في كتاب «طبقات المكثرين من رواية الحديث».
1 / 4