Объяснение жемчужной нити в искренности слова единства
شرح الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد
Жанры
أنواع الاستعانة
النوع الأول: استعانة توحيدية، وهي الاستعانة بالله جل في علاه، ولأنها عبادة كما قال الله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:٥] فإن العبد المتقي البار الذي يتعبد لله جل في علاه يسارع بالاستعانة بالله جل في علاه، فالعبد الذي يريد أن يصل إلى العلم أو إلى مبلغ العلم لن يصل إليه إلا بالله جل في علاه، فعليه أن يستحضر ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:٥]، فالعلم من أجل العبادات، ولن يصل إليه إلا بالاستعانة، فيصرف هذه الاستعانة تذللًا لله جل في علاه، فيستعين بالله في حركاته، في سكناته، في نومه، في قيامه، في ذهابه إلى المسجد، في جلساته، في محضر دروس العلم، في مدارسته مع إخوانه، فهو دائمًا يستحضر استعانته بالله جل في علاه، استعانته بالله وهو يقرأ أحاديث النبي ﷺ؛ ليفهم ويتدبر ويعقل عن الله مراده، ويعقل عن رسول الله ﷺ مراده، يستعين بالله على نصرة دين الله جل في علاه، فلطالما استعان النبي ﷺ بالله على نشر دعوة الله جل في علاه.
النوع الثاني: استعانة شركية، وذلك إذا صرفت الاستعانة لغير الله، كطلب العون من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وهذا التقييد لا بد أن تضبطه؛ لأن شيخ الإسلام قد قعد لنا قاعدة فقال: من طلب من غير الله ما لا يقدر عليه إلا الله فقد كفر بالله جل في علاه، لأنه أنزل المخلوق منزلة الخالق.
ومن صور شرك الاستعانة كأن يذهب إلى البدوي ويقول: مدد يا بدوي! وهذه مشهورة جدًا عند الناس، أو مدد يا عبد القادر الجيلاني! أو مدد يا أم هشام! أو مدد شدي حيلك يا بلد! وهذه المقولة الأخيرة على التفصيل، فإن أخمر فيكون كلامه: مدد يا الله! وشدي همتك يا بلد! وهنا يكون قد أتى بالتوحيد، لأن الأمور بمقاصدها، لكن إن لم يقصد الإضمار فقد وقع في الشرك؛ لأنه طلب العون من غير الله جل في علاه فيما لا يقدر عليه إلا الله، ولأن البلد لا يمكن أن تستعين ببلد أخرى.
وأما إطلاقي في الأمثلة الثلاثة الأولى، فلأنهم أموات غير أحياء، فالأموات لا يستطيعون إحياء الجنين في بطن الأم كما زعم بعضهم فقال: إن الأولياء حباهم الله قوة لإحياء الجنين في بطن الأمهات.
وهذا القول صاحبه موغل في الكفر والشرك، فالأموات لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا، قال الله تعالى على لسان نبيه محمد ﷺ: ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا﴾ [الأعراف:١٨٨] فإذا كان النبي خاصة خلق الله جل في علاه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، وهو في عداد الأحياء، فمن باب أولى الأموات لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا، وقوله ﷺ: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية).
فإذا انقطع عمله فلا يستطيع لنفسه نفعًا ولا ضرًا؛ لأن العمل يزيد في حسناته فلا يستطيع.
ومن الأدلة الظاهرة الواضحة على أن الأموات لا يملكون نفعًا ولا ضرًا: قول عمر بن الخطاب ﵁ لل للعباس عندما وقع الجدب: كنا إذا أجدبنا توسلنا بدعاء نبينا، فقم يا عباس! وادع الله لنا، فقام العباس ودعا، ولم يذهب هو أو عمر إلى قبر النبي ﷺ فقال: يا رسول الله! أجدبنا فاستسق لنا؛ لأنهم يعلمون أن النبي ﷺ لا يملك ضرًا ولا نفعًا، فهذه دلالة على أن الأموات لا يملكون شيئًا.
أيضًا: حديث ظاهر جدًا في هذه المسألة أن النبي ﷺ: (دخل على عائشة فقالت: وارأساه! فقال لها النبي ﷺ: بل أنا وارأساه، إن أنتِ متِ صليت عليكِ).
أي: غسلتكِ وصليتِ عليكِ ودعوت لكِ، يريد النفع الذي سيصل إلى عائشة من النبي ﷺ حينما يكون حيًا، لكن لو مات فالنبي ﷺ يبين لها أنه لا ينفعها، لكن لو كان حيًا وهي ماتت قبله فأنه سيغسلها ويصلي عليها ويدعو لها.
إذًا: الميت لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، فإذا ذهب إلى الميت وقال: مدد، أو طلب العون منه فقد وقع في الشرك؛ لأنه طلب يقينًا من غير الله ما لا يقدر عليه إلا الله جل في علاه.
النوع الثالث: الاستعانة المباحة، وهذه الاستعانة تجوز، ويمكن للإنسان بنيته الصالحة أن يصل بها إلى مرتقى التوحيد، أو ينزل بها إلى مهبط الشرك والعياذ بالله.
وهي: أن يستعين المرء بأخيه أو بأبيه أو بابنه، سواء استعانة دينية أو دنيوية.
فالاستعانة الدينية كأن يستعين بمن تقدمه في طلب العلم أن يتعلم منه، أو يستعين بالقارئ المتقن أن يضبط له الحروف ويضبط له القراءات، أو يستعين بمن يأخذ المخطوطات ينسخها فينسخ له ثم يخرج هو الأحاديث، أو يستعين بالمفتي أن يفتي له، أو يستعين بالحاج العالم في مناسك الحج أن يبين له مناسك الحج.
وأما الاستعانة في الأمور الدنيوية كأن يقترض قرضًا، أو يأخذ مالًا، أو هبة من أخيه، فهذه الاستعانة تجوز، وليس فيها ثمة شيء.
والدليل على ذلك عموم قول الله تعالى: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى» [المائدة:٢]، فهذه استعانة أباحها الله جل في علاه في كتابه، وأيضًا عموم قول النبي ﷺ في الصحيحين: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل).
وهذه كأنها أمر من النبي ﷺ، وقوله ﷺ: (اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء).
فهذه أيضًا من باب التعاون على البر والتقوى.
إذًا: الاستعانة المباحة هي: استعانة بالآخرين فيما يقدرون عليه، ولا بد من ثلاثة شروط فيمن يستعان بهم: أن يكون حيًا حاضرًا قادرًا، فلو تخلف واحد من الثلاثة فهي استعانة شركية، كأن يستعين العبد بأخيه الميت على أن يقضي له حاجته عند ابن عمه! فهو قد استعان بميت ليس بحي، ولو استعان بالغائب عنه في بلد أخرى لأمر يستطيع أن يعينه عليه في هذه الدنيا، أو في المكان الذي هو فيه، فهذا على التفصيل: إن كان لا يقدر عليه فقد وقع في الشرك، لأنه استعان بغائب، وإن كان يقدر عليه فليس بواقع في الشرك.
وهنا مسألة مشهورة وهي: هل يصح الاستعانة بالجن أم لا؟
و
الجواب
أنه لا يصح؛ لأنه استعانة بغائب، وهذا هو الراجح والصحيح، ولا التفات لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية، ولا التفات لما احتج به من حديث المرأة التي سألت أبا موسى الأشعري؛ لأنهم لا يصححون سنده، ولا يأتون أيضًا بسنده، ولا يمكن أن نقبل هذا، ولو كان فعلًا لـ أبي موسى الأشعري فقد خالف في ذلك النصوص الصريحة الصحيحة عن النبي ﷺ.
2 / 6