Раннее фиксирование Сунны между доктором Субхи ас-Салихом и ориенталистами
التدوين المبكر للسنة بين الدكتور صبحي الصالح والمستشرقين
Издатель
بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي حول معالم التجديد في فكر الدكتور صُبْحِي الصَّالِح ﵀ (المنعقد في جامعة الجنان ٣ و٤ تشرين الثاني ٢٠٠٦ م).
Жанры
المكرمة كانت تنعم بعدد أكثر منه في المدينة المنورة، كقصة فداء أسرى بدر من المكيين والذين تجاوز عددهم الأربعين (٢٥)، فكان كل كاتب منهم يفدي نفسه بتعليم عشرة من أبناء المسلمين، فإن اعتبرنا، على سبيل التنزل، أنه كان فيهم خمسةٌ فقط كاتبين، تكون النسبة حينها خمسة من أربعين، أي أن واحدًا من كل ثمانية في مكة يعرفون الكتابة.
فكيف إذا انضم إلى ذلك «أن كتبة الوحي بين يدي النبي ﷺ بلغ عددهم أربعين رجلًا، وأن كثيرًا منهم مكيون؟».
هذا يعني أن الكتابة والقراءة كانت منتشرة في العرب، وهي في مكة أكثر منها في غيرها. ومع تسليمنا بأن الغالب على الناس كان الأمية، بمعنى عدم معرفة القراءة والكتابة، ولكنها لم تكن من الندرة لدرجة أن لا يكون في مكة قبل الإسلام (إلا بضعة عشر رجلًا) يعرفون القراءة والكتابة.
فإذا تقرر هذا، فإنه لا يمكن، في رأي الدكتور الصالح، أن نُرجع قلّة التدوين للحديث إلى ندرة وسائل الكتابة، كما يزعمه الكثيرمن الباحثين، «لأنها لم تكن قليلة إلى هذا الحد الذي يبالغ فيه» (٢٦)، وبخاصة أن الصحابة لم تعجزهم قلة الوسائل عن كتابة القرآن الكريم في اللِّخاف (٢٧)، والعُسُب (٢٨)، والأكتاف (٢٩)، والأقتاب (٣٠)، وقطع الأديم (٣١).
إذن، لا بد أن قلة تدوين الحديث تعود إلى أمور أُخرى، وقد أرجعها الدكتور الصالح إلى انصراف الصحابة لتلقي القرآن، إذ كانوا من تلقاء أنفسهم «مشغولين بجمعه في الصدور والسطور، وكان ... كتابُ الله يستَغرق جُلَّ أوقاتهم» (٣٢).
ومع ذلك فإن أفرادًا منهم «وجدوا من البواعث النفسية ما حملهم على العناية بكتابة أكثر ما سمعوه - وربما بكل ما سمعوه - وأقرهم على ذلك رسول الله ﷺ حين أُمِنَ التباس السُنَّةِ بالقرآن، على حين كتب أفراد آخرون أشياء قليلة، وظل سائرهم بين قارئ كاتب، لكنه مشغول بالقرآن شغلًا لا يتيح له كتابة الحديث، فغدا يسمعه من الرسول ﷺ ويعمل به ولا يجد الحاجة لتقييده، وبين أميٍّ يحفظ من القرآن والحديث ما تيسر في صدره، وهو ما كان عليه أكثر
_________
(٢٥) ذكر ابن إسحاق في مغازيه أنهم بلغوا بضعةً وأربعين أسيرًا.
(٢٦) " علوم الحديث ومصطلحه ": ص ٦.
(٢٧) اللخاف: حجارة بيض رقاق. " تاج العروس من جواهر القاموس "
(٢٨) العسب: جريدة من النخل مستقيمة دقيقة يُكشطُ خُوصُها. " تاج العروس ".
(٢٩) الكتف: عظم عريض في أصل كتف الحيوان، كانوا يكتبون فيه لقلة القراطيس عندهم. " تاج العروس ".
(٣٠) القتب ما يوضع على ظهر الراحلة (ينظر: " النهاية في غريب الحديث والأثر ".
(٣١) الأديم: الجلد. " تاج العروس ".
(٣٢) " علوم الحديث ومصطلحه ": ص ٦.
1 / 7