آراء السمعاني العقدية
آراء السمعاني العقدية
Жанры
وقد فصّل الله جل وعلا الآيات، وبيَّنها، وأظهرها، لكن تحتاج إلى نظر، وتأمل، وتدبر، يقول تعالى: " كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْأيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) " (الروم ٢٨)، يقول السمعاني: " أي: ينظرون إلى هذه الدلائل بعقولهم ". (^١)
ولذا أمر الله ﷿ أنبياءه بالتذكير بهذه الدلائل، فقال تعالى: " فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (٢١) " (الغاشية ٢١): " أي: اذكر دلائل توحيد الله ". (^٢)
ثم عاب على المشركين شركهم فقال تعالى: " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ " (البقرة ١٦٥): يقول السمعاني: " كأنه عاب المشركين، حيث اتخذوا من دونه أندادًا، بعد ما أظهر الدلائل، ونصب البراهين على الوحدانية ". (^٣)
ولذلك كان التكذيب بالتوحيد، والاستكبار عن الإيمان، موجودًا عند بعض من طمست فطرته، وأعميت بصيرته، يقول جل وعلا في قصة موسى وفرعون: " وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (٥٦) " (طه ٥٦): " أي: كذب بالتوحيد، وأبى عن الإيمان ". (^٤)
وبتتبع كلام الإمام السمعاني في تفسيره، نخلص إلى أنه سلك في استدلاله على وجود الباري جل وعلا طريقين:
الطريق الأول: دليل الفطرة والميثاق:
ذكرنا فيما سبق، أن النفس تدرك وجود الله تعالى بفطرتها، فلو تركت دون مؤثرات خارجية، لاستدلت على الله تعالى - ولذا الفطرة تكون حاضرة أوقات الشدة، وتظهر حين نزول البلية، شاهده قوله تعالى عن المشركين: " فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " (العنكبوت ٦٥)، يقول الإمام السمعاني:" أي: دعوا الله وتركوا دعاء الأصنام " (^٥)
_________
(^١) «السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٠٨
(^٢) «السمعاني: تفسير القرآن: ٦/ ٢١٥
(^٣) «السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٦٤
(^٤) «السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٣٥
(^٥) «السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ١٩٣
1 / 91