كما أن الكتاب (الغياثي) منسوب لهذا الوزير الصالح الحسن بن علي الملقب (غياث الدولة)، فقد نسبت العقيدة النظامية إليه، لأنه يلقب أيضًا (نظام الملك) ونستحسن أن نثبت هنا بعض كلام الإمام نقلًا عن كتابه الكبير (الغياثي)، قال الإمام الجويني في الكتاب المذكور (رقم ٢٧٩ ص١٩٠):
"ومن رام اقتصادًا، وحاول ترقيًا عن التقليد واستبدادًا فعليه بما يتعلق بعلم التوحيد من الكتاب المترجم (بالنظامي)، فهو محتو على لباب للباب، وفيه سر كل كتاب في أساليب العقول"١.
والذي أذكره الآن لائقًا بمقصود هذا الكتاب، أن الذي يحرص الإمام عليه جمع عامة الخلق على مذهب السلف السابقين قبل أن نبغت الأهواء وزاغت الآراء وكانوا ﵃ ينهون عن التعرض والتعمق في المشكلات والإمكان في ملابسة المعضلات والاعتناء بجمع الشبهات وتكلف الأجوبة عما لم يقع من السؤالات، إلى أن قال: "وما كانوا ينكفون ﵃ عما تعرض له المتأخرون عن عِيِّ وحَصْرِ، وتبلد في القرائح، هيهات قد كانوا أذكى الخلائق أذهانًا وأرجحهم بيانًا، ولكنهم استيقنوا أن اقتحام الشبهات داعية الغوايات، وسبب الضلالات، فكانوا يحاذرون في حق عامة المسلمين ما هم الآن به مبتلون، وإليه مدفوعون. فإن أمكن حمل العوام على ذلك فهو الأسلم"٢ ا. هـ
وقال الإمام في العقيدة النظامية ص: ٢٢-٢٣: "وذهبت طائفة إلى
١ الكتاب المذكور ليس بذلك المستوى الذي يدل عليه كلام المؤلف، بل هو دون ذلك بكثير، لأنه لم يسلم من تناقض كتب علم الكلام. كما يظهر ذلك لكل مطلع على الكتاب المذكور، وهو يفرق بين الغث والسمين: "أقول هذا القول لبيان الواقع، ولبذل النصح للقارئ".
٢ الغياثي.