The Delight of Publication in the Interpretation of the Ten Commandments
أطيب النشر في تفسير الوصايا العشر
Издатель
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Жанры
محاباة لقرابة، فضلًا عن المصالح الدنيوية التي تعادي منهج العدل وتنابذه، ونجد نبي الهدى ﷺ يؤكد أن من الصفات المنجية تحقق العدل لدى المسلم على كل حال فيقول ﷺ: "ثلاث منجيات؛ خشية الله تعالى في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الفقر والغنى ..." الحديث١. وقد فصل الله ﷿ هذا الأمر الموجز في آيتين مدنيتين فقال وهو أصدق القائلين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ﴾ ٢ والثانية قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ ٣. وهذه الآية الكريمة نصت على معنى الحديث الآنف الذكر ولو رغبنا في التعرض لنفحات الخير والحصول على الأدب الرفيع الذي أمر به الرب الكريم في هاتين الآيتين لطالت بنا الوقفة غير أني أذكر تحليلًا لطيفا للشيخ محمد رشيد رضا ﵀ قال: القوام هو المبالغ في القيام بالشيء، وهو الإتيان به مقوما تامًا لا نقص فيه ولا عوج، وقد حذف هنا ما أمرنا بالمبالغة في القيام به فكان عامًا شاملا لجميع ما أخذ علينا الميثاق به من التكاليف حتى المباحات، أي كونوا من أصحاب الهمم العالية، وأهل الإتقان، والإخلاص لله تعالى في كل عمل تعملونه، من أمر دينكم أو أمر دنياكم.
ومعنى الإخلاص لله في أعمال الدنيا: أن تكون بنية صالحة، بأن يريد العامل بعمله خيرا، والتزام الحق من غير شائبة اعتداء على حق أحد، أو إيقاع ضرر به. ومنطلق هذا القول قوله ﷺ: "الأعمال بالنية"٤. والشهادة بالقسط معروفة، وهي أن تكون بالعدل بدون محاباة مشهود له، ولا مشهود عليه، لا لقرابته وولائه، ولا لماله وجاهه، ولا لفقره ومسكنته، فالشهادة هنا عبارة عن إظهار الحق للحاكم ليحكم به، أو إظهاره بالحكم به، أو الإقرار لصاحبه.- وهذا عين العدل في القول -.
والقسط: هو ميزان الحقوق، متى وقعت فيه المحاباة والجور- لأي سبب أو علة من العلل- زالت الثقة من الناس، وانتشرت المفاسد وضروب العدوان بينهم، وتقطعت الروابط الإجتماعية، وصار بأسهم بينهم شديد٥. والشيخ رشيد رضا ﵀ سبقه الإمام
١ حققه محدث هذا الزمان الشيخ الألباني وحكم له بالحسن صحيح الجامع الصغير ٣/ ٦٥. ٢ الآية ١٣٥ من سورة النساء. ٣ الآية ٨ من المائدة. ٤ أخرجه البخاري وغيره الصحيح مع الفتح ١/١٣٥، ٥/١٦٠. ٥ تفسير المنار ٥/٢٧٣.
71 - 72 / 24