التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
Издатель
دار إحياء الكتب العربية
Номер издания
الثالثة
Год публикации
١٣٨١ - ١٣٨٢ هـ = ١٩٦١ - ١٩٦٢ م
Место издания
مصر
Жанры
1 / 2
1 / 3
1 / 4
1 / 5
1 / 6
1 / 7
1 / 8
(^١) ابن الأثير هذا هو المشهور بابي السعادات ابن الأثير الجزري المتوفى سنة ٦٠٦ هـ المؤرخ الكبير والمحدث الشهير الذي جمع أصول الحديث في كتاب على حروف المعجم وسماه الجامع للأصول، ومعلوم أن أعول الحديث هذه لم يجمعها سواه. فيريد الناظم أن ابن الأثير هذا على علو مقامه لو رأى كتاب التاج لعظمه واعترف لمؤلفه بالفضل. اهـ مصححه. (^٢) اليماني هذا هو عبد الرحمن بن علي المشهور بالشيباني الزبيدي الشافعي المتوفى سنة ٩٤٤ هـ، وهو الذي اختصر جامع الأصول لابن الأثير في كتاب وسماه تيسير الوصول، وهو المشهور بيننا الآن، فيريد الناظم حفظه الله أن اليماني هذا لو رأى كتاب التاج لنظر إليه بعين الإجلال وعاد إلى كتابه (تيسير الوصول) فرتبه كرتيب التاج الذي جاء آيةً في الإعجاب. نفع الله به العباد. آمين. اهـ مصححه.
1 / 9
1 / 10
الشرح بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. أما بعد: فلما منّ الله عليّ وألفت كتاب "التاج لجامع للأصول" عرضته على أولى الرأي من كبار العلماء وعلى وزارة الأوقاف فحبذوه واستحسنوه، ولكنهم أشاروا عليّ بشرحه ليكمل النفع به. فتوقفت واعتذرت لضعف عينىّ من جهة، ولصعوبة الشرح من جهة أخرى. فإن شارح الحديث يعترضه أمور صعاب لا يدريها كثير من الناس، وذلك كتحقيق الحديث ومعرفة متونه من صحيح وحسن وضعيف متصلًا كان أو منقطعًا أو مرسلًا، ومن مشهور وغريب ومتواتر وآحاد وغير ذلك، كالناسخ والمنسوخ والخاص والعام والمجمل والمبين، فضلًا عن هذا فهو مضطر إلى بيان الأمر في الحديث هل هو للوجوب أو للندب أو للإباحة، وبيان النهي هل هو للتحريم أو للكراهة، وما طريق ذلك البيان. وهذه أشق أنواع التأليف وأبعدها مدى في الحديث، ولكنه سهل على من يسره الله عليه. لهذا توقفت كثيرًا فقال لي أحد كبار العلماء: يا أستاذ لا يمكن لأي شخص تدريس البخاري وحده بدون شرح فما بالك بالأصول الخمسة. وقال لي عالم فاضل: كتابك بغير شرح لا ينتفع به إلا الخواص، فإذا شرحته انتفع به الخاص والعام. فاقتنعت بضرورة الشرح ولكني لا زلت وجلًا من تلك الصعوبات السالفة، وطالما تمنيت أن يقوم بالشرح رجل من أهل العلم فما تيسر لي ذلكَ. فتضرعت إلى الله تعالى أن يشرح لي صدري وأن ييسر لي أمري وأن يوفقني للصواب وأن يرشدني للمراد وأن يتفضل عليّ بروح من عنده كما تفضل عليّ بالأصل إنه واسع الفضل والعطاء آمين. (^١) بدأته بالبسملة والحمدلة كما فعل ربي في كتابه. وفي الحديث: "تخلقوا بأخلاق الله تعالى ". (^٢) الإضافة للبيان. (^٣) قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]. (^٤) قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [الجمعة: ٢]. (^٥) هو القرآن. قال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢]. (^٦) قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١٧٤].
1 / 13
(^١) جمع سنة وهي الطريقة المتبعة. وسنن الرسول ﷺ أقواله وأفعاله وتقريراته ووصفه وسمته وهديه التي كان متصفًا بها، فآثاره القولية والفعلية بيان للسنن. (^٢) أي في دنياهم. (^٣) في أخراهم. (^٤) أي بالحديث يدعو الناس إلى الله تعالى وما أسعده بذلك، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت: ٣٣]. وقد دعا له النبي ﷺ بالبهجة في الدنيا والبعث على أحسن حال. (^٥) سيأتي في العلم بسند صحيح. (^٦) أي نقل لها في مكتوب وإن لم يحفظ اللفظ والمعنى لحصول النفع به ولو درسها لجماعة من المسلمين لكان أفضل. (^٧) هذا الحديث أورده إمام المحدثين النووي في خطبة كتابه الأربعين وقال: اتفق الحفاظ على أنه ضعيف وإن كثرت طرقه، ولكنهم اتفقوا على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال. كما اتفقوا على كتابته ودرسه. (^٨) أي معتبرة بالمراد منها فكلما كان القصد ساميًا كان العمل الموصل إليه أسمى وأرفع؛ لأنَّه الوسيلة إليه ولا وجود له إلا به. والقصد من تأليف هذا الكتاب تقريب الشريعة إلى العباد حتى يتناولوها بسهولة، فيسعدوا في دنياهم وأخراهم، وهذا نهاية ما يمكن عمله من الكمال. (^٩) لرفعة قدر الحديث وشرف المشتغل به. (^١٠) بالتحريك شدة التلهف عليه وعدم الشبع منه، وهذه حالي من نشأتي والحمد لله. فقد وفقني الله تعالى حفظ الأربعين النووية ومختصر البخاري قبل نيلي شهادة العالمية ببضع سنين. (^١١) عزمت وصممت عليه. ومنه: ﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ﴾ [يونس: ٧١] وسيأتي في الصوم "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له".
1 / 14
(^١) أقصرها في السند. وكان المحدثون يرون لقصر السند منزلة عظيمة. حتى إن الشيخين أخذا كثيرًا من الأحاديث عن أحمد عن الشافعي (ولكنهما) لم يرويا من هذا السند لوجود أسانيد أقصر منه. وأما أصحاب السنن فقد رووا من هذا السند كثيرًا، ﵃. (^٢) هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن المغيرة الجعفي البخاري ولد ببخارى سنة ١٩٤ هـ أربع وتسعين ومائة. وتوفى سنة ٢٥٦ هـ ست وخمسين ومائتين. ولم يعقب ولدًا ذكرًا وقال: خرّجت كتابي هذا من زهاء (قدر) ستمائة ألف حديث. ما وضعت فيه حديثًا إلا وصليت ركعتين. وصنفه في ست عشرة سنة وسمعه منه تسعون ألف رجل. وعدد أحاديثه بدون المكرر أربعة آلاف حديث كما قاله النووي. وقال الحافظ: عدد ما فيه بدود المكرر والموقوف والمعلق ٢٧٦٠ ستون وسبعمائة وألفان فقط. (^٣) هو أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري. ولد سنة ٢٠٤ هـ أربع ومائتين وتوفى سنة ٢٦١ هـ إحدى وستين ومائتين. وقال ﵀: صنفت كتابي هذا من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة. ولو اجتمع أهل الحديث وكتبوا فيه مائتي سنة فمدارهم على هذا المسند وعدد ما فيه أربعة آلاف حديث. وفضله بعضهم على البخاري. فقد قال الحافظ النيسابوري شيخ الحاكم: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم. ووافقه بعض علماء المغرب. وهذا مسلّم بالنسبة إلى قلة تكراره وحسن وضعه، فإنه يستوفي الوارد في الموضوع ثم لا يعود له بعد ذلك بخلاف البخاري. ولكن جمهور الحفاظ وأهل الإتقان والغوص في أسرار الحديث على أن البخاري أفضل، فإنه أصح وأدق وأوسع في صناعة الحديث، وكان مسلم إذا دخل عليه قبّل يده وقال له: يا طبيب الحديث. وكان الترمذي يسأله عن أحاديث مرة بعد أخرى، ﵃. (^٤) هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني. ولد سنة ٢٠٢ هـ اثنتين ومائتين وتوفي بالبصرة سنة ٢٧٥ هـ خمس وسبعين ومائتين. قال ﵁: كتبت عن رسول الله ﷺ خمسمائة ألف حديث، فانتخبت منها أريعة آلاف وثمانمائة ضمنتها هذا الكتاب، ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه، وهو كتاب لا تَرِد عليك سنة عن النبي ﷺ إلا وهي فيه ولا أعلم شيئًا بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب. ولا يضر رجلًا ألا يكتب من العلم شيئًا إلا هذا الكتاب. (^٥) هو أبو عيسى محمد بن سورة الترمذي. ولد سنة ٢٠٠ هـ مائتين، بترمذ وتوفي بها سنة ٢٧٩ هـ تسع وسبعين ومائتين وكان حافظًا متقنًا بارعًا في صناعة الحديث، وفي كتابه فوق خمسة آلاف حديث.
1 / 15
(^١) هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر النَّسَائِيّ كان ورعًا تقيًا حافظًا، وكتابه أكثر الكتب تكرارًا، حتى إنني أذكر له في الصوم أنه كرر حديث النية ست عشرة مرة. ولد سنة ٢١٥ خمس عشرة ومائتين. ومات بمكة سنة ٣٠٣ هـ ثلاث وثلاثمائة. وبلده الأصلي نسا، ومسلم من نيسابور وكلاهما بإقليم خراسان، والبخاري من بخارى، والترمذي من ترمذ وكلاهما بإقليم ما وراء النهر. وأبو داود من سجستان بإقليم السند. وهذه أقاليم أعجمية فارسية شرق الخليج الفارسي، إلا أن السند بإزاء المدينة نصًا، وخراسان وما وراء النهر مائلان إلى الشمال، كما في خريطة الممالك الإسلامية للمرحوم أمين بك واصف، فليس فيهم عربي ولا من جزيرة العرب إلا الإمام مسلمًا، فإنه قشيري، من أحد قبائل العرب. ولكن الله ألان لهم علم الحديث كما ألان الحديد لداود ﵇، وهؤلاء الأئمة كانوا يتعبّدون على مذهب الشافعي ﵁، إلا البخاري فلم يعلم مذهبه. وقد اشتركوا في أخذ العلم عن شيوخ معلومة، فإنهم كانوا في عصر واحد وهو القرن الثالث الذي ظهرت فيه شمس الحديث وبسطت أنوارها على الأرض بمن فيها. ولكن مسلمًا والترمذي كانا كثيري الاجتماع بالبخاري ﵃. (^٢) التي فاقت كل كتاب ظهر إلى الآن في علم الحديث. فإن البخاري ومسلمًا التزما ألا يرويا حديثًا إلا إذا كان متصل السند بنقل الثقة عن الثقة، من أوله إلى منتهاه سالمًا من الشذوذ والعلة. وهذا حد الصحيح عند العلماء بلا خلاف، إلا أن مسلمًا اكتفى في الراوي والمروي عنه أن يكونا في عصر واحد وإن لم يجتمعا، بخلاف البخاري فإنه اشترط اجتماعهما زيادة احتياط. قال ابن الصلاح ﵀: كل ما حكم مسلم بصحته في كتابه فهو مقطوع بصحته، والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر، وكذا ما حكم البخاري بصحته في كتابه؛ لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول إلا من لا يعتد به. وقال إمام الحرمين: لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن كل ما في البخاري ومسلم صحيح لما ألزمته الطلاق، لإجماع المسلمين على صحتها، وما قيل في بعض أحاديثهما إنه لم يصل إلى درجة الصحيح فهو من اختلاف نظر النقاد في الرواة. وحسبنا اتفاق العلماء على أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، وكذا المجتبى للنسائي كله صحيح، فإنه لما ألف السنن الكبرى وقدمها لأمير الرملة قال له: يا أبا عبد الرحمن أكلّ ما فيها صحيح؟ فقال: فيها الصحيح وغيره. فقال الأمير: جرّد لنا الصحيح، فجمع الصحيح في كتاب وأسماه المجتبى فهو هذا الذي بأيدينا. وأما أبو داود ﵀ فقد قال: ما وضعت في كتابي حديثًا أجمع الناس على تركه، وما فيه من وهن شديد بينته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض. قال الحافظ ابن حجر: لفظ صالح في كلامه أعم من أن يكون للاحتجاج أو للاعتبار، فما أرتقى إلى الحسن ثم إلى الصحة فهو بالمعنى الأول وما عداهما فهو بالمعنى الثاني. وما قصر عن ذلك فهو ما فيه وهن شديد ا هـ. فعلى هذا كل حديث سكت عنه أبو داود فهو صالح، وسأتبع ذلك في بيان درجة ما رواه بقولي بسند صالح. قال الخطابي ﵀: لم يصنف في علم الدين مثل السنن لأبي داود، وقد رزق القبول من كافة الناس على اختلاف مذاهبهم، وكفاه أن الأمة لم تجمع على ترك حديث واحد فيه. وأما الترمذي ﵀ فقد قال في آخر كتابه: جميع ما في هذا الكتاب فهو معمول به وقد أخذ به بعض أهل العلم إلا حديثين أحدهما: جمع النبي ﷺ الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر. وثانيهما: إذا شرب العبد الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه اهـ. ولكنه ﵁ سها في الأول فقد أخذ به بعض المحدثين والفقهاء كما سيأتي في عذر الصلاة. وأما الثاني فمصيب فيه لأنَّه لم يقل به أحد من الأمة. والترمذي ﵀ لم يترك بعده لأحد قولًا، فقد أبان عن درجة كل حديث بعد إخراجه بل وزاد على هذا أنه ذكر رواته عن النبي ﷺ كما ذكر من أخذ به من الصحب والتابعين والفقهاء، ففيه ضروب من العلم وأنواع من نفائسه وتحقيق من صناعة الحديث التي لم توجد في غيره من كتب القوم. وهو أقل الكتب تكرارًا كمسلم وأبي داود وفيه قسط عظيم من التفسير والأخلاق والسمعيات كالشيخين، بخلاف النَّسَائِيّ فليس فيه شيء من ذلك. قال الترمذي ﵀: عرضت هذا الكتاب على علماء الحجاز والعراق وخراسان فرضوا به واستحسنوه، ومن كان كتابي في بيته فكأنّما في بيته نبي يتكلم.
1 / 16
(^١) أي ففيها أحكام حاجة الناس للدنيا والآخرة. (^٢) ليس المراد أنها جمعت كل أحاديث النبي ﷺ فإن هذا لم يقله أحد فضلًا عن إمام المحدثين النووي، بل المراد أنه ما من موضوع للدنيا والآخرة إلا وحكمه فيها سوى بضعة مواضع، منه ما يأتي في عد التراويح عشرين ركعة، فإني ما وجدته في الأصول ولكني وجدته في موطأ مالك ﵁ فوضعته في التاج تكميلًا للموضوع، ومنه ما يأتي في فضل الحرمين فإني ما وجدت في الأصول شيئًا من زيارة قبر النبي ﷺ إلا حديثًا في أبي داود لا يشفي، فبحثت ونقبت حتى عثرت على بضعة أحاديث في الشفا للقاضي عياض ﵀ فوضعتها في التاج، وكأني ملكت الدنيا وما فيها، ومنه ما يأتي في كتاب النكاح فإني لم أعثر في الأصول على عيوب النكاح التي توجب الفسخ، وكذا لم أعثر على حكم غيبة الزوج. وبعد البحث وجدتها في موطأ مالك فاثبتها تكميلًا للكتاب. (^٣) يؤيد هذا ما سبق عن كل إمام من أنه انتقى كتابه من بضع مائة ألف حديث، فقد رأى كل منهم أن في كتابه كفاية لأمر الدنيا والآخرة وإلا زاد، ولا سيما مسلم في قوله: لو اجتمع أهل الحديث وكتبوا فيه مائتي سنة فمدارهم على هذا المسند. وكذا قول أبي داود: لا ترد عليك سنة عن النبي ﷺ إلا وهي فيه فما بالك باجتماع الأصول الخمسة.
1 / 17
(^١) معطوف على (فاستحضرت)، أي أحضرتها وسرحت النظر فيها مرة بعد أخرى فوجدتها لا غنى لأي إنسان عنها للدنيا والآخرة، بل هو مضطر أو محتاج إليها ولو على سبيل الكمال. (^٢) أي شرعت. (^٣) بضم الهمزة من الإدماج. (^٤) وقد تم لي ذلك والحمد لله فلم أترك في ظني حديثًا واحدًا إلا ما كان مستغنى عنه بما كتبته، وما يظهر للقارئ أني تركته فقد نقلته في باب آخر أشد له مناسبة. فمن هذا حديث النية في أول البخاري ولكني نقلته في كتاب النية والإخلاص. ومنه حديث بدء الوحي في أول البخاري ولكني نقلته في كتاب النبوة، ومنه حديث من تبع جنازة مسلم في البخاري في الإيمان ولكني وضعته في فضل تشييع الجنازة، ومنه حديث الحلال بيّن والحرام بيّن في البخاري في الإيمان، وقد وضعته في المعاملات، ومنه المعراج في مسلم في الإيمان ولكني وضعته في النبوة، ومنه أحاديث الجنة في عدة مواضع في الشيخين، ولكني وضعتها في كتاب الجنة والنار، ومنه أحاديث رؤية الله تعالى في الأصول في مواضع شتى ولكني وضعتها في كتاب القيامة والجنة، فإنه أنسب بها. وقد لقيت من هذا النوع في التأليف صعوبات عظيمة ولكن الله أعانني عليها والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات كلها. بل وزدت على هذه الأصول من مسندي الشافعي وأحمد وموطأ مالك وابن ماجه والحاكم وغيرها مما مست إليه الحاجة. (^٥) أي هذا المؤلف. (^٦) أي لأطفئ به حرارة شوقي للحديث وأهديه للعاشقين له. (^٧) أي الأمور التي التزمتها ودرجت عليها في تأليفه. (^٨) علة لاكتفيت. (^٩) هو الصحابي الذي سمعه من النبي ﷺ. (^١٠) الذي خرجه بالسند في كتابه.
1 / 18
(^١) فإن شرطهما في السند أوثق وأحوط كما سبق، وشرطهما في لفظ الحديث أدق وأضبط؛ لأنهما يوجبان تعيين الرواية باللفظ لمن يحفظ اللفظ والمعنى خلافًا للجمهور فإنهم لا يوجبون ذلك؛ لأن الصحابة ﵃ كانوا يسمعون الحديث من النبي ﷺ وينقله كل منهم بلفظ غير لفظ الآخر وما عيب عليهم في ذلك. وقد حصل بين البخاري وبين شيخه محمد بن يحيى جدل عظيم في هذا، ولما اشتد النزاع بينهما قال الأستاذ محمد بن يحيى: من قال باللفظ فلا يحضر مجلسنا، فقام البخاري من حلقة الدرس وتبعه مسلم ولم يحضرا مجلسه بعد هذا. وربما حدّث البخاري في كتابه عن شيخه هذا بقوله حدثنا محمد فقط ولم يقل ابن يحيى لما وقع بينهما ﵃. (^٢) هم أبو داود والترمذي والنسائي. (^٣) لأنَّه أولهم في الرتبة. (^٤) إذا كان اللفظ له. (^٥) عبّرت بـ "عنيت"، و"أردت"، و"قصدت" تفننًا في اللفظ وإلا فالألفاظ الثلاثة بمعنى واحد. (^٦) كأن رواه البخاري والترمذي فأصرح بذكرهما. (^٧) فمثلًا في الوضوء بدأت بحديث التسمية وغسل الكفين وهكذا، وفي الصلاة قدمت شروط الصلاة على سننها المتقدمة عليها كالأذان، ثم أعقبتها ببيانها الذي بدأته بالنية ثم بتكبيرة الإحرام وهكذا. فلاحظت في وضع الأحاديث الترتيب الخارجي. (^٨) مواضع الأعمال المرتبة.
1 / 19
(^١) التي انفرد بروايتها واحد، وهذا في الترمذي كثير، فإني أذكر له في الذكر والزهد أنه انفرد في بعض الأبواب بأحد عشر حديثًا. (^٢) من حسن وضعيف. (^٣) فإنه من حسن الوضع. وهذا اصطلاح الكتاب، أما اصطلاح الشرح فحل الألفاظ اللغوية وبيان المعنى المراد باختصار، وبيان الخلاف الفقهي في أحاديث الأحكام مع بيان وجهة كل من الأئمة ﵃، وبيان درجة الحديث المروي لأصحاب السنن وما سكتوا عنه فسنجري فيه على طريقة أبي داود السابقة. ومصادر الشرح هي: شروح البخاري، وشروح مسلم، وعون المعبود شرح أبي داود، ونفع قوت المغتذي شرح الترمذي، والسيوطي والسندي على النَّسَائِيّ، وشروح الجامع الصغير، وكتاب الفقه في المذاهب الأربعة، وكثيرًا ما أرجع في حل الألفاظ اللغوية إلى القاموس المحيط ولسان العرب. بيان الفرق بين التاج وبين غيره الفرق بين كتاب التاج وبين الكتب التي عندنا من نوعه وهي ثلاثة: أولها المصابيح للإمام البغوي المتوفى سنة ٥١٦ هـ. وثانيها تيسير الوصول للشيباني المتوفى سنة ٩٤٤ هـ. وثالثها المنتقى للإمام ابن تيمية المتوفى سنة ٦٥٢ هـ ﵃. أما المصابيح فكتاب عظيم في بابه بديع في زمانه، ولكنه محذوف الراوي من أول الحديث والمخرج في آخره، فهو كالمبتور بين كتب الحديث، وهذا مما لا يطمئن النفس، زد على هذا أنه مختصر من الأصول وخال من قسم التفسير. وأما تيسير الوصول فهو مؤلف عظيم لم يظهر في الناس مثله ولكنه مختصر من جامع الأصول لابن الأثير ومرتب على حروف المعجم وهذا وضع لا يداني الترتيب الفقهي في جمع شتات الموضوعات. وأما المنتقى فهو كتاب جليل القدر رفيع المكانة عظيم الشأن لدقة وضعه وجميل صنعه إلا أنه قاصر على أحاديث الأحكام فقط، فهو خلو من قسم الفضائل كله، وقسم التفسير كله، وقسم الأخلاق والسمعيات. ولا شك أن هذه تربو كثيرًا على أحاديث الأحكام وتدفع بالهمم إلى معالي الأمور وصالح الأعمال. وأما بلوغ المرام ونحوه في أحاديث الأحكام، فهي كفروع من كتاب المنتقى، هذا تحديد تلك الكتب. وأما كتاب التاج فإنه والحمد لله جامع للأصول وموضوع على الترتيب الفقهي وليس فيه ما أخذ على تلك الكتب رضي الله عن مؤلفيها، فلهم مزيد الفضل والأولية. وتلك الفوارق هي التي سألني عنها مولانا الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر وهو على
1 / 20
كرسي المشيخة حينما عرضت الكتاب عليه بعد الفراغ من تأليفه سنة ٣٤٧ هـ. فلما أجبته بما سلف تهلل وجهه وعاد فسرح نظره في بعض وريقات من الكتاب وكان قد استوعب خطبته قبل ذلك. ثم رفع رأسه فقال: أنا لا أشك في أنه كتاب نافع وشرع يحبذ علم الحديث وأنَّه علم جليل وفيه كل شيء. وأظهر الأسف على إهمال الخلف له بقدر عناية السلف به وأطال في هذا، فقال له أحد علماء الأعلام وكان جالسًا معنا: ينبغي لمولانا الأستاذ عرض الكتاب على لجنة تبحثه لاعتماده للتدريس فقال: للآن لم تؤلف اللجنة التي ستنتقي الكتب الجديدة وقريبًا تكون، فإذا شكلت اللجنة قدم الأستاذ لنا كتابه، فشكرناه وانصرفنا. وبعد ذلك انحصرت همتي في شرح الكتاب تكميلًا للنفع به كطلب السالف ذكرهم، والله يتولانا برعايته آمين. (^١) وبيان كتبه كالآتي: كتاب الإسلام والإيمان. كتاب العلم كتاب النية والإخلاص. كتاب الطهارة. كتاب الصلاة. كتاب الزكاة. كتاب الصيام. كتاب الحج. وقدمت هذا القسم لأنَّه أصول الدين وأركانه. (^٢) وبيان كتبه كالآتي: كتاب البيوع والزروع. كتاب الفرائض والوصايا والعتق. كتاب النكاح والطلاق. كتاب الحدود والديات. كتاب الإمامة والقضاء. كتاب الأيمان والنذور. كتاب الصيد والذبائح. كتاب الطعام والشراب. كتاب اللباس. كتاب الطب. (^٣) وبيان كتبه هكذا: كتاب النبوة. كتاب فضائل القرآن. كتاب التفسير. كتاب الجهاد والغزوات. (^٤) وبيان كتبه هكذا: كتاب الأدب. كتاب الأخلاق. كتاب الرؤيا. كتاب الزهد. كتاب الأذكار والأدعية والاستغفار. كتاب الفق وعلامات الساعة. كتاب القيامة والجنة والنار. فعدة هذه الكتب ثلاثون، كل كتاب منها تشد له الرحال. نسأل الله أن تكون خالصة لوجهه الكريم.
1 / 21
(^١) الذي انفرد عن بقية الأشهر الحرم، وستأتي في الصوم إن شاء الله. (^٢) وهذا ليس بكثير بالنسبة للأصول الخمسة التي هي خمسة وعشرون مجلدًا. فإذا جمعت وهذبت ورتبت وأحكمت في بضع سنين فهو عمل كثير في زمن قصير، ولا سيما طريقة الأصول التي ترجمت لكل حديث، وهذا من دواعي الإطالة والسآمة. ولكني بتوفيق الله تعالى كنت أبذل غاية جهدي للعثور على عنوان يشرف على طائفة من الأحاديث وأضعها على الاصطلاح السالف، وهذا بالطبع يقتضي فهمها أولًا ومراعاة ما يحيط بها من صناعة فمن الحديث ثانيًا، كلما لا يخفى. وقد قيل إن الحافظ ابن حجر ﵀ ابتدأ شرح البخاري سنة ٨١٧ هـ وانتهى منه سنة ٨٤١ هـ، وهذا هو شمس العلماء في زمانه. فأين مثلي الضعيف من هؤلاء القوم أساطين العلم وشموس الهدى ﵃. ومع هذا فالأمور لا ينظر إليها من حيث إيجادها وقطع الزمن في تحصيلها، إنَّما ينظر إليها من حيث قيمتها والنفع بها. فبهذا يسمو شأنها ويعلو كبيت العنكبوت وحرير الدود في سرعة وجود الأول وكثرته مع خسته وبطء الثاني وقلته مع عزته. (^٣) وبهذا اعتذرت للقارئ الكريم عما يجده في الكتاب، وبه أعتذر أيضًا للقارئ اللبيب عما يعثر عليه في الشرح، فإن في زماننا هذا ألف عذر وعذر لمن اشتغل بالتأليف. وما رأينا مؤلفًا ولا غيره سلم للآن. وأنا لست بإنسان معصوم بل إني إنسان ضعيف من شأني الخطأ والنسيان. أسأل الله الحفظ من الزلل والغواية، والتوفيق للرشد والهداية، فما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
1 / 22
(^١) تفاؤلًا بأن يكون مقبولًا معظمًا مرفوعًا ساميًا عاليًا كما يعلو التاج على رؤوس الملوك. اللهم حقق ذلك يا من بيدك كل شيء يا إله العالمين. (^٢) حقًا إنه جامع للأصول وزاد عليها كما سيراه القارئ الكريم إن شاء الله. أسأل الله تعالى أن يكون أثرًا صالحًا. وأن يكون قبلة لأهل العلم والعلماء. أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يثيبني عليه جميل الذكر في الدنيا وجزيل الأجر في الآخرة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، آمين. والحمد لله رب العالمين.
1 / 23