والجواب: أن هذا الحديث صحيح؛ رواه مسلم في الباب الثاني من كتاب القدر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي ﷺ يقول: " إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء "، ثم قال رسول الله ﷺ: " اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك " (١).
وقد أخذ السلف أهل السنة بظاهر الحديث وقالوا: إن لله - تعالى - أصابع حقيقة نثبتها له كما أثبتها له رسوله ﷺ، ولا يلزم من كون قلوب بني آدم بين أصبعين منها أن تكون مماسة لها حتى يقال: إن الحديث موهم للحلول فيجب صرفه عن ظاهره. فهذا السحاب مُسَخَّر بين السماء والأرض وهو لا يمس السماء ولا الأرض. ويقال: بدر بين مكة والمدينة مع تباعد ما بينها وبينهما، فقلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن حقيقة، ولا يلزم من ذلك مماسة ولا حلول.
المثال الثالث: " إني أجد نَفَسَ الرحمن مِنْ قِبَلِ اليمن " (٢).
والجواب: أن هذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند من حديث أبي هريرة ﵁ قال: قال النبي ﷺ: " ألا إن الإيمان يمان، والحكمة يمانية، وأجد نفس ربكم من قبل اليمن ".
قال في مجمع الزوائد: (رجاله رجال الصحيح غير شبيب وهو ثقة).
قلت: وكذا قال في التقريب (٣) عن شبيب ثقة من الثالثة، وقد
(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٢٦٥٤).
(٢) نقض الدارمي (٢/ ٦٨٦).
(٣) تقريب التهذيب (رقم ٢٧٥٩).