190

القول المبين في سيرة سيد المرسلين

القول المبين في سيرة سيد المرسلين

Издатель

دار الندوة الجديدة بيروت

Место издания

لبنان

Жанры

اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ... فارحم الأنصار والمهاجرة١ وقد ضاعف من حماس الصحابة في العمل أنهم رأوا رسول الله ﷺ يعمل بنفسه كواحد منهم ويكره أن يتميز عليهم فارتجز بعضهم هذا البيت: لئن قعدنا والرسول يعمل ... لذاك منا العمل المضلل٢ وهكذا تم بناء المسجد في جو يملؤه الإيمان وتشيع فيه الأخوة والمساواة. ولم يكن المسجد على عهد الرسول ﷺ مكانا للصلوات فحسب، وإنما كان مدرسة للتعليم والتهذيب أستاذها ومعلمها رسول الله ﷺ وطلابها هم أصحابه الأبرار -رضوان الله عليهم- وكان محكمة للقضاء بما أنزل الله، يفصل فيها رسول الله ﷺ أو من ينيبه بين المتخاصمين، وكان دارا للشورى يتداول فيه الرسول ﷺ والمسلمون في أخص شئونهم وأمورهم، وكان مركزا لقيادة الجيش تعقد فيه الألوية للرؤساء والقواد ويزودون بالنصائح والتعليمات. وكان نزلا لاستقبال الوفود والرسل الذين توجههم الدول للقاء الرسول ﷺ وهكذا كانت رسالة المسجد في ذلك الوقت رسالة خير وإصلاح وتهذيب. وقد وردت في فضل المسجد النبوي أحاديث كثيرة، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "لا تشد الرحال إلى إلا ثلاثة

١ أخرجه البخاري في صحيحه ٣٩٣٢ ومسلم ٢/٣١١، وغيرهما، وانظر قصة بناء المسجد في "طبقات ابن سعد" ١/ ٢٣٩، و"سيرة ابن هشام" ٢/ ١١٤، "تاريخ الطبري" ٢/ ٣٩٥، "الدرر" لابن عبد البر ٨٨، "البداية والنهاية" ٣/ ٢١٤، "عيون الأثر" ١/ ٢٣٥، "دلائل النبوة" للبيهقي ٢/ ٥٣٨ وما بعدها، النويري ١٦/ ٣٤٤، "سبل الهدى" ٣/ ٤٨٥ "المواهب اللدنية" ١/ ٣١٦. ٢ ذكر ذلك ابن إسحاق في السيرة، ونقله عنه ابن كثير في "البداية" ٣/ ٢١٦.

1 / 193