Ясный путь в ночном путешествии

Ибн Раджаб аль-Ханбали d. 795 AH
10

Ясный путь в ночном путешествии

المحجة في سير الدلجة

Исследователь

أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني

Издатель

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Жанры

الشقاء والسعادة بعدله ورحمته جلَّ وعلا ومما يتحقق به معنى قول النبيّ ﷺ: "لَنْ يدخلَ أحدٌ الجنةَ بِعملِهِ"، أو "لَنْ ينجّيَ أحدًا عملُهُ"، أن مضاعفة الحسنات إِنَّمَا هي من فضل الله ﷿ وإحسانه، حيث جازى بالحسنة عشرًا ثم ضاعفها إِلَى سبعمائة ضعف إِلَى أضعاف كثيرة. فهذا كله فضل منه ﷿، ولو جازى بالحسنة مثلها كالسيئات لم تقوَ الحسنات عَلَى إحباط السيئات، فكان يهلك صاحبُ العمل لا محالة. كما قَالَ ابن مسعود ﵁ في صفة الحسنات: إن كان وليًّا لله فَفَضل له مثقال ذرة ضاعفها الله له حتى يُدخله بها الجنة، وإن كان شقيًّا قَالَ المَلَك: يا رب فَنِيت حسناته وبقي له طالبون كثير؟ قَالَ: خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إِلَى سيئاته ثم صكوا له صكًّا إِلَى النار (١). فتبيَّن بهذا أن من أراد اللهُ سعادَتَهُ أضعفَ اللهُ له حسناته حتى يستوفي (منها) (*) الغرماء، ويبقي له منها مثقال ذرة فتضاعف له ويدخل بها الجنة، وذلك من فضل الله ورحمته. ومن أراد الله شقاوته وله غرماء لم تضاعف حسناته كما تضاعف لمن أراد الله سعادته، بل يضاعفها عشرًا فتقسم عَلَى الغرماء فيستوفونها كلها، وتبقى لهم عليه مظالم فيطرح عليه من سيئاتهم فيدخل بها النار، قهذا عدله (وذاك) فضله (**). ومن هنا قَالَ يحيى بن معاذ: إذا بسط فضله لم يبق لأحد سيئة، وإذا جاء

(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد (١٤١٦)، والطبري في تقسيره (٥/ ٨٩ - ٩٠)، (١٩/ ٥٤ - ٥٥)، وعزاه ابن كثير (١/ ٤٩٨) لابن أبى حاتم والطبري وقال: ولبعض هذا الأثر شاهد في الحديث الصحيح. (*) منه: "نسخة". (**) وذلك: "نسخة".

4 / 399