The Bribe
الرشوة
Издатель
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Номер издания
السنة الثانية عشر - العددان ٤٧
Год публикации
٤٨ - رجب - ذو الحجة ١٤٠٠هـ
Жанры
أما حديث ابن اللتبية فهو درس عملي من الرسول ﷺ لكل من ولي عملا للمسلمين وأخذ فيه الهدية؛ لأنها في واقع الأمر ليست بهدية خالصة وإنما معها مراعاة حالة العامل، ومن ورائها انتظار ما يترجاه المهدي، وكما قال ﷺ: "هل جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا".
وهو سنة سنها رسول الله ﷺ لولاة الأمور في محاسبة العمال، وهو مبدأ (من أين لك هذا؟)، وقد جاء في بعض رواياته: (فحاسبه ﷺ، أي أمر من يحاسبه.
ومحاسبة العمال ثابتة عن عمر ﵁ كما جاء في الإصابة في تراجم الصحابة أن أبا هريرة كان عاملا لعمر على البحرين، فقدم بعشرة آلاف فقال له عمر: (أستأثرت بهذه الأموال؛ فمن أين لك؟) فقال: خيل نتجت وأعطية تتابعت وخراج رقيق لي؛ فنظر فوجدها كما قال، ثم دعاه ليستعمله فأبى؛ فقال: لقد طلب العمل من كان خيرا منك،قال: إنه يوسف نبي الله وأنا أبو هريرة بن أميمة، وأخشى ثلاثا: أن أقول بغير علم، أو أقضي بغير حكم، ويضرب ظهري ويشتم عرضي وينزع مالي.
ولعمر مع عماله مواقف عديدة وأمثلة مختلفة في هذا الشأن.
وأصل ذلك كله من حديث ابن اللتبية وفعل الرسول ﷺ معه.
وجاء نص حديث أبي حميد الساعدي عن رسول الله ﷺ: "هدايا الأمراء غلول"، وقد بين حديث أبي داود أن من كتم من العمال ولو مخيطا- أي ولو أقل شيء قيمته قيمة الخيط - فهو غل يوم القيامة، وترى هذا التحذير قد أفزع بعض العمال فطلب إقالته.
أما أثر عمر فهو زيادة على رفض الهدية؛ فإنه قد بين للعمال وكل من حرمت عليه هدايا العامة أن يؤخذ من جهة أهله سواء زوجه أو ولده أو خادمه أو أي إنسان مرتبط به ارتباط الأهل.
ولذا قال العلماء: لا ينبغي للقاضي أن يتولى الشراء لنفسه خشية المحاباة، ولا يشتري له من يعلم أنه من طرفه؛ حفاظا على القاضي من ريبة الرشوة.
1 / 137