65

The Book of Manners

الأدب الصغير ت خلف

Издатель

دار ابن القيم بالإسكندرية

Жанры

وَمَنْ لاَ إِخْوَانَ لَهُ فَلاَ أَهْلَ لَهُ، وَمَنْ لاَ أَوْلاَدَ لَهُ فَلاَ ذِكْرَ لَهُ، وَمَنْ لاَ عَقْلَ لَهُ فَلاَ دُنْيَا لَهُ وَلاَ آخِرَةَ، وَمَنْ لاَ مَالَ لَهُ فَلاَ شَيْءَ لَهُ.
وَالْفَقْرُ دَاعِيَةٌ إِلَى صَاحِبِهِ مَقْتَ النَّاسِ، وَهُوَ مَسْلَبَةٌ لِلْعَقْلِ وَالْمُرُوءَةِ، مَذْهَبَةٌ لِلْعِلْمِ وَالْأَدَبِ، وَمَعْدِنٌ لِلتُّهَْمَةِ، وَمَجْمَعَةٌ لِلْبَلاَيَا.
وَمَنْ نَزَلَ بِهِ الْفَقْرُ وَالْفَاقَةُ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ تَرْكِ الْحَيَاءِ، وَمَنْ ذَهَبَ حَيَاؤُهُ ذَهَبَ سُرُورُهُ، وَمَنْ ذَهَبَ سُرُورُهُ مَقُتَ (١)، وَمَنْ مَقُتَ أُوذِيَ، وَمَنْ أُوذِيَ حَزِنَ، وَمَنْ حَزِنَ فَقَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ وَاسْتُنْكِرَ حِفْظُهُ وَفَهْمُهُ.
وَمَنْ أُصِيبَ فِي عَقْلِهِ وَفَهْمِهِ وَحِفْظِهِ كَانَ أَكْثَرُ قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ فِيمَا يَكُونُ عَلَيْهِ لاَ لَهُ.
فَإِذَا افْتَقَرَ الرَّجُلُ اتَّهَمَهُ مَنْ كَانَ لَهُ مُؤْتَمِنًا، وَأَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ مَنْ كَانَ يَظُنُّ بِهِ حَسَنًا. فَإِذَا أَذْنَبَ غَيْرُهُ ظَنُّوهُ (٢)، وَكَانَ لِلتُّهَْمَةِ وَسُوءِ الظَّنِّ مَوْضِعًا.
وَلَيْسَ مِنْ خَلَّةٍ (٣) هِيَ لِلْغَنِيِّ مَدْحٌ إِلاَّ وَهِيَ لِلْفَقِيرِ عَيْبٌ:
فَإِنْ كَانَ شُجَاعًا سُمِّيَ أَهْوَجَ (٤).

(١) يقال: مَقُتَ إلى الناس مَقَاتَةً: إذا كان بغيضًا عندهم.
(٢) أي: اتهموه وأساءوا به الظن. فالظِّنَّة: التُّهَْمَة.
(٣) الْخَلَّة: الْخَصْلَة، والجمع: خِلاَل.
(٤) رجل أهوج: فيه تَسَرُّعٌ وَحُمْقٌ. يقال: هَوِجَ هَوَجًا فهو أَهْوَج، والأنثى: هَوْجَاء. والجمع: هُوج.

1 / 70