............................................................
وكل قيد يراد به بيان الواقع، فإنه كالتعليل للحكم، فمثلا قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ ١ أي: اعبدوه لأنه خلقكم.
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ ٢ أي: لأنه لا يدعوكم إلا لما يحييكم.
وكذلك قوله تعالى: ﴿وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ﴾ ٣ أي: لأنه لا ينفعك ولا يضرك، فعلى هذا لا يكون هذا القيد شرطا، وهذه يسميها بعض الناس صفة كاشفة.
قوله: ﴿فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ ٤ أي: إن دعوت من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك والخطاب للرسول ﷺ و(إن): شرطية، وجواب الشرط جملة: (فإنك إذن) و(إذن) أي: حال فعلك من الظالمين، وهو قيد، لأن (إذ) للظرف الحاضر، أي: فإنك حال فعله من الظالمين.
لكن قد تتوب منه فيزول عنك وصف الظلم، فالإنسان قبل الفعل ليس بظالم، وبعد التوبة ليس بظالم، لكن حين فعل المعصية يكون ظالما كما قال ﷺ " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "٥ فنفى الإيمان عنه حال الفعل ونوع الظلم هنا ظلم شرك، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ ٦.
وعبر الله بقوله: " من الظالمين "، ولم يقل: من المشركين، لأجل أن يبين أن الشرك ظلم، لأن كون الداعي لغير الله مشركا أمر بين، لكن كونه ظالما قد لا يكون بينا من الآية.
١ سورة البقرة آية: ٢١.
٢ سورة الأنفال آية: ٢٤.
٣ سورة يونس آية: ١٠٦.
٤ سورة يونس آية: ١٠٦.
٥ سبق (ص ٧٨) .
٦ سورة لقمان آية: ١٣.