السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق
السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق
Номер издания
الأولى
Год публикации
سنة ٢٠٠٠ م
Жанры
وكثرة، فمن المُقِلِّينَ: الزبير، وزيد بن أرقم، وعمران بن حصين.
رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ لأَبِيهِ: إِنِّي لاَ أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَمَا يُحَدِّثُ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (١).
وَيَرْوِي ابْنُ مَاجَهْ فِي " سُنَنِهِ " أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ كَانَ يُقَالُ لَهُ: حَدِّثْنَا، فَيَقُولُ: «كَبِرْنَا وَنَسِيَنَا، وَالحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ شَدِيدٌ». وَيَقُولُ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدٍ: «صَحِبْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ (٢) مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ- ﷺ حَدِيثًا وَاحِدًا»، وكان أنس بن مالك يُتْبِعُ الحديث عَنْ النَّبِيِّ ﷺ بقوله: «أَوْ كَمَا قَالَ» حَذَرًا مِنَ الوُقُوعِ فِي الكَذِبِ عَلَيْهِ. فما صنعه الزبير وزيد بن أرقم وأمثالهما من المُقِلِّينَ، إنما كان خَوْفًا من الوقوع في خطأ لم يقصدوه، ويظهر أن ذاكرتهم لم تكن من شأنها أن تسعفهم بإيراد الحديث على لفظه أو وجهه الذي سمعوه من النَّبِيِّ ﷺ، فكان من الاحتياط في دين الله عندهم أن لا يكونوا من المُكْثِرِينَ.
ولقد أضيف إلى هذا رغبة عمر ﵁ ألاَّ يكثروا من التحديث عن الرسول - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - كي لا ينشغل الناس بالحديث عن القرآن، والقرآن غَضٌّ طَرِيٌّ. فما أحوج المُسْلِمِينَ إلى حفظه وتناقله، والتثبت فيه، والوقوف على دراسته!!
رَوَىَ الشَّعْبِيُّ عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: «خَرَجْنَا نُرِيدُ العِرَاقَ فَمَشَى مَعَنَا عُمَرُ إِلَى «صِرَارٍ» فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: " أَتَدْرُونَ لِمَ مَشَيْتُ مَعَكُمْ؟ " قَالُوْا: " نَعَمْ نَحْنُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ مَشَيْتَ مَعَنَا "، فَقَالَ: " إِنَّكُمْ تَأْتُونَ أَهْلَ قَرْيَةٍ لَهُمْ دَوِيٌّ بِالقُرْآنِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ فَلاَ تَصُدُّوهُمْ بِالحَدِيثِ فَتَشْغَلُوهُمْ، جَوِّدُوا القُرْآنَ وَأَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَامْضُوا وَأَنَا شَرِيكُكُمْ "، فَلَمَّا قَدِمَ قَرَظَةُ قَالُوا: " حَدِّثْنَا "، قَالَ: " نَهَانَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ "» (٣).
(١) أخرجه البخاري في «صحيحه»، في كتاب العلم. (٢) هو أبو سعيد الخدري. (٣) " جامع بيان العلم ": ٢/ ١٢٠.
1 / 80