السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق
السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق
Номер издания
الأولى
Год публикации
سنة ٢٠٠٠ م
Жанры
الفَصْلُ الثَّالِثُ: السُنَّةُ مَعَ مُنْكِرِي حُجِيَّتِهَا قَدِيمًا:
لم يكد يُطِلُّ القرن الثاني الهجري حتى امتحنت السُنَّةُ بمن ينكر حُجِيَّتَهَا كمصدر من مصادر التشريع الإسلامي، وبمن ينكر حُجِيَّةَ غير المتواتر منها، مِمَّا يأتي عن طريق الآحاد، وبمن يكر حُجِيَّةَ السُنَّةِ التي لا تُرَدُّ بيانًا لما في القرآن أو مُؤَكِّدَةً له، بل تأتي بحكم مستقل.
وأول من تعرض لهذه المذاهب - فيما نعلم - الإمام الشافعي ﵀، فقد جاء في كتاب "جماع العلم " من كتاب " الأُم " فصل خاص، ذكر فيه الشافعي مناظرة بينه وبين من يُنْسَبُ إلى العلم بمذهب أصحابه مِمَّنْ يرون رَدَّ الأخبار كلها، كما عقد ﵀ فصلًا طويلًا في " الرسالة " لحُجِيَّةِ خَبَرِ الآحَادِ، وإليك ما ذكره في كتاب " الأم " (١).
قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: «قَالَ: لِي قَائِلٌ يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ بِمَذْهَبِ أَصْحَابِهِ: أَنْتَ عَرَبِيٌّ وَالقُرْآنُ نَزَلَ بِلِسَانِ مَنْ أَنْتَ مِنْهُمْ، وَأَنْتَ أَدْرَى بِحِفْظِهِ، وَفِيهِ لِلَّهِ فَرَائِضُ أَنْزَلَهَا لَوْ شَكَّ شَاكٌّ قَدْ تَلَبَّسَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ بِحَرْفٍ مِنْهَا اسْتَتَبْته، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قَتَلْته وَقَدْ قَالَ: ﷿ فِي الْقُرْآنِ ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ (٢) فَكَيْفَ جَازَ عِنْدَ نَفْسِك أَوْ لأَحَدٍ فِي شَيْءٍ فَرَضَهُ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ مَرَّةً: الفَرْضُ فِيهِ عَامٌّ، وَمَرَّةً: الفَرْضُ فِيهِ خَاصٌّ، وَمَرَّةً: الأَمْرُ فِيهِ فَرْضٌ، وَمَرَّةً: الأَمْرُ فِيهِ دَلاَلَةٌ؟ وَإِنْ شَاءَ ذُو إبَاحَةٍ وَأَكْثَرُ مَا فَرَّقْت بَيْنَهُ مِنْ هَذَا عِنْدَك حَدِيثٌ تَرْوِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ آخَرَ أَوْ حَدِيثَانِ
(١) " جماع العلم " المطبوع مع " الأم ": ٧/ ٢٥٠ في باب حكاية قول الطائفة التي ردّت الأخبار كلها.
(٢) [سورة النحل، الآية: ٨٩].
1 / 165