210

Аутентичная всеобъемлющая биография Пророка

الجامع الصحيح للسيرة النبوية

Издатель

مكتبة ابن كثير

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Место издания

الكويت

Жанры

نرى الرسول ﷺ يستخف بأشياع الباطل؛ ولا تأخذه كثرة عددهم ووفرة أموالهم، فيلاقيهم بالفئة القليلة، ويفوز عليهم فوزًا عظيمًا، ولم يكن بالرئيس الذي يبعث بالجيش إلى مواقع القتال، ويقعد خلافهم حذرًا من الموت؛ بل يقول الجند، ويدبّر أمر القتال بنفسه، ويقابل الأعداء بوجهه، ولا يوليهم ظهره! نرى الرسول ﷺ يصرف عنايته في تزكية الأمّة، وتدبير شؤونها والقيام بجهاد عدوّ هاجم، أو عدو متحفز للهجوم، ولم تشغله هذه الأعمال الخطيرة عن أن يقوم الليلَ قانتًا لله متهجدًا، ثم يملأ جانبًا من النهار في عبادة ربّه متطوعًا! نرى الرسول ﷺ زاهدًا في متاع هذه الحياة! ولم يكن مثل أولئك الذين يتظاهرون بالزهد إذا لم يجدوا، حتى إذا ما أيسروا ورأوا زهرة الحياة الدنيا طوع أيمانهم خلعوا ثوب الزهد، وتحولوا إلى طبيعة الشره كثيرًا أو قليلًا! إن كنت غنيًا مثريًا فاقتد بالرسول ﷺ عندما كان يسير بين الحجاز والشام، وحين ملك خزائن البحرين (١)! وإن كنت في سجن الطغاة البغاة العتاة، فلتكن لك أسوة به، وهو ﷺ في الشِّعب! وإن كنت عائلًا ذلك في رسول الله ﷺ أسوة، حين قدم إلى المدينة مهاجرًا إليها من موطنه، وهو لا يحمل من حطام الدنيا شيئًا!

(١) الرسالة المحمدية: ١٣٥ بتصرف.

1 / 215