Революция ислама и герой пророков: Абу-л-Касим Мухаммад ибн Абдуллах
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Жанры
8
ومما لا مشاحة فيه أن المدنية الراقية لا بد لها من التحقق بالعلوم الصحيحة والعمل بها والاعتماد على الحقائق الكونية والتجارب الراهنة، مما يعبر عنه اليوم بالمذهب الواقعي، ولكن الأدب هو الذي يصقل الأذهان ويشحذ القرائح، وينبه نائم العزائم ويملأ الحياة نشوة وسرورا، ويجعل للمجتمع الإنساني رونقا وبهاء، ويشق الطريق إلى المجد ويحمل وسائل الترقي والتوقي. وما كثر في الدنيا شيء إلا ابتذل، إلا الأدب، فإنه كلما كثر علا، وهو الذي يحلي صاحبه بحلية الكياسة، وهو الذي يؤمن له طريق الرياسة.
وحسبك في فضل الأدب وشرفه قول الرسول
صلى الله عليه وسلم : «أدبني ربي فأحسن تأديبي، ثم أمرني بمكارم الأخلاق.» فأنت ترى أن مكارم الأخلاق هي من نتائج الأدب، وكفى بذلك للأدب تكريما وتعظيما.
المجتمع الجاهلي في ضوء المباحث العلمية الحديثة
إن أهل الجاهلية لم يكن لهم إمام يجمعهم على دين ويتألفهم على رأي واحد، بل كانوا طوائف شتى وفرقا مختلفين، آراؤهم متناقضة وأديانهم متباينة وذلك الذي دعا معظمهم إلى عبادة الأصنام وطاعة الأزلام، رأيا فاسدا اعتقدوه في أن عندها خيرا، وأنها تملك لهم نفعا أو تدفع عنهم ضرا (ص12، كتاب العزلة للبستي، توفي سنة 388ه، مخطوط بدار الكتب الظاهرية بدمشق).
وفي الحديث الشريف: «من فارق الجماعة، فميتته جاهلية.» نسبة إلى هذه الفرقة التي كانوا عليها، ولم يكونوا كلهم شرارا ولا سفاحين؛ فقد كان بعضهم على نصيب من الخنوع بحكم التفرد فهو لاه بنفسه، خائف من غيره رأى أحد الثقات أعرابيا في عنقه طوق ملتو من فضة وبيده زكرة (وهو وعاء من جلد يوضع فيه الخمر ونحوه كالزق) ومعه قدح نبع (شجر تتخذ منه القسي) فتتبع أثره، فجاء نباذة له في قدح النبع ويشربه ويرجز عليه، فسلم عليه ووقف عنده فقال: «إن في خلالا ثلاثا: إن سمعت منك حديثا لا أنمه عليك، وإن تفلت في وجهي احتملت، وإن عربدت علي لم أغضب» (الأصمعي). نقول: ولو رجحنا أن هذا الأعرابي كان نصرانيا فهو يمثل لونا من الأخلاق في البادية الجاهلية، كان يسكر ويترنم بشعره في عزلة ويصرح بأنه قمين أن يؤتمن على السر ويحتمل الضيم. «ولكن قبيلة قريش التي بعث فيها محمد
صلى الله عليه وسلم
صارت أذكى من سواها وأصلح للاجتماع، وهي فرع من مضر التي كان يباهي النبي بالانتساب إليها (طبقات ابن سعد، ص21، ج2)؛ لأن دار قريش لم تزل موسم الناس في التجارة ومنسك الحاج وكانت العرب تقصد لها في كل عام لحجهم، وتردها لقضاء نسكهم، فهم لا يزالون يتأملون أحوالهم، ويراعونها فيختارون منها أحسن ما يشاهدونه، ويتكلمون بأفصح ما يسمعون من كلامهم، ويتخلقون بأحسن ما يرونه من خلالهم؛ فصاروا أميز العرب من قبل حسن الاختيار الذي هو ثمرة العقل، فلما ابتعث الله - تعالى - نبيه
صلى الله عليه وسلم
Неизвестная страница