فنظروا إليه محذرين في استياء واضح، ولكنه مضى يقول: نحن مدينون للحب.
وأكثر من صوت رجاه أن يسكت، ولكنه أكمل قائلا: فهو الذي أنقذنا من حكم المبادئ.
تأففت سمارة في عصبية، ثم أجهشت في بكاء عنيف كأنه إعصار اجتاح أعصابها، واقترب علي السيد منها متأثرا محاولا تهدئتها، أما رجب فقد انقض على أنيس صارخا: أنت! أنت!
وأهوى بقوة على وجهه بكفه!
18
قبض أحمد نصر على ذراعه فجذبه إلى الوراء بشدة وهو يقول بصوت متهدج: أنت مجنون! أي مصيبة وأي جنون؟
وكفت سمارة عن البكاء فاغرة فاها. وحل صمت كالموت. وتلقى أنيس الصفعة دون أن يتحرك، ونظر إلى رجب طويلا دون أن ينبس، وأراد مصطفى أن يقترب ليواسيه ولكنه مد ذراعه إلى الأمام ليصده وهو يقول: عن إذنك. - خطأ مفجع بلا أدنى شك، ولكن المذنب صديق أبيض القلب أعماه الغضب.
فصرخ بصوت كالرعد: لا.
وجاء عم عبده كأنما يلبي نداءه وهو يقول: القهوة فوق النار.
فلوح بيده أن يذهب فذهب. وقام واقفا وراح يتمشى بعرض الصالة ذهابا وإيابا، وجعل يكلم نفسه بصوت لا يسمعه أحد. وفجأة وثب على رجب وأطبق بيديه على عنقه، وبسرعة ضربه رجب على ذراعيه ليخلص رقبته، فنطحه أنيس في أنفه، ثم انهالا على بعضهما ضربا ولكما وركلا. واندفع الآخرون للحيلولة بينهما، ولكن أنيس ترنح وتهاوى ساقطا على الأرض. وظهر عم عبده عند الباب فوقف ينظر ذاهلا، ثم تمتم: لا، لا.
Неизвестная страница