كاذبا " فعليك كذبك، مع أن الله تعالى قد أمن عائذنا، وليس بخائب لائذنا ".
ثم تأخر، فبرك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال أصحابه: يا رسول الله ما يقول هذا البعير؟ قال: " هذا بعير قد هم أهله (1) بنحره وأكل لحمه، فهرب واستغاث بنبيكم، بئس جزاء المملوك الصالح من أهله، حقيق عليه أن يجزع (2) من الموت ".
وأقبل النبي صلى الله عليه وآله يحدث أصحابه ويسألونه، فبينما هو كذلك، إذ أقبل أصحابه في طلبه، فلم يزالوا في أثره حتى وقفوا على النبي صلى الله عليه وآله فسلموا، فرد عليهم، وقال: " ما بليتكم؟ " فقالوا: يا رسول الله بعيرنا هرب منا فلم نصبه إلا بين يديك.
فقال: " إنه يشكو، ففيم اشتكاؤه؟ " قالوا: يا رسول الله، ما يقول؟
قال: " ذكر أنه كان فيكم خوارا (3)، فلم يزل حتى اتخذتموه في إبلكم فحلا فأنماها وبارك فيها، وكان إذا كان الشتاء رحلتم عليه إلى موضع الكن (4) والدفء، وإذا كان الصيف رحلتم عليه إلى موضع الكلأ، فلما أدركت هذه السنة المجدبة، هممتم بنحره، وأكل لحمه، فهرب واستجار بنبيكم، وبئس جزاء المملوك الصالح، وحقيق عليه أن يجزع من الموت ".
فقالوا: قد كان ذلك يا رسول الله، والله لا ننحره، ولا نبيعه ولنتركه.
Страница 78