وكانوا أشرار بني إسرائيل، وأراد ميراث العلم؛ لأن الأنبياء لا تورث، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة)) وقد ورد استعمال الإرث في العلم، قال تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((العلماء ورثة الأنبياء)) وقول أبي بكر -رضي الله عنه- في جوابه لفاطمة -عليها السلام- لما قالت له: أأنت ورثت رسول أم أهله؟ فقال: بل أهله (1)
قوله تعالى:
{يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى}
دلت على حسن التبشير بما يسر، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن من موجبات المغفرة إدخال السرور على أخيك المسلم)) ودلت على أن المرسل هو المبشر، فلو قال رجل: من يبشرني بكذا من عبيدي فهو حر، فأرسل إليه عبده بالبشارة عتق، والرسول أيضا يسمى مبشرا، قال تعالى: {رسلا مبشرين} فلو أرسل عبدا آخر بالبشارة لزم أن يعتقا معا.
قوله تعالى:
{فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا}
قيل: أراد بالإيحاء الإشارة، وقيل: الكتابة؛ وهذا يدل على أن الإشارة والكتابة ليستا من الكلام، فلو حلف لا تكلم فأشار أو كتب لم يحنث.
وعن الشافعي : يحنث بالإشارة، وجعلها من الكلام، لقوله تعالى في سورة آل عمران: {آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا} والاستثناء حقيقة يكون من الجنس.
قوله تعالى:
{وآتيناه الحكم صبيا}
قيل: أراد النبوة، وأن الله تعالى أكمل له العقل وهو صبي، وهذا خاص فيه؛ لأن البلوغ شرط في الولايات.
وقيل: أراد بالحكم الفهم للتوراة والفقه في الدين.
وروي أنه دعاه الصبيان للعب، قال: ما للعب خلقنا.
ومن ذلك قوله:
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت
إلى حمام سراع وارد الثمد
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا إلاحمامتنا أو نصفه فقد
Страница 197