Трое мужчин и женщина
ثلاثة رجال وامرأة
Жанры
الفصل الثالث
1
وجدت محاسن أنها لم تعد تطيق الصبر على ما هي فيه، وأنه لم يبق لها ما تتعزى به، أو تتطلع إليه، وتشدد بالأمل فيه؛ فأبوها لا يفتأ يغيب عن بيته ليلة أو ليلتين كل بضعة أيام، ويبيت في حيث لا تعلم، مع صاحبته، ويزعم أنه إنما كان في «مهمة»، وتبلع هذه المهمات معظم ماله، فلا يدع لبيته إلا القليل الذي ليس به اكتفاء، وإذا عاد من «مهمة» برم بالبيت ومن فيه، وأظهر الشكاسة والشراسة، وأبى إلا أن يكون بركانا منزليا في صورة آدمية، واتسعت الهوة على الأيام بين عياد وأهل بيته، وكانت محاسن تجاهد ما وسعها أن تلقي من ناحيتها على هذه الهوة جسرا، غير أنها أخفقت؛ لأن أباها لم يتكلف من ناحيته شيئا من التمهيد أو المعاونة، ولج في نهجه الأعوج، فكان يفسد كل ما هيأت، ويهدم كل ما بنت.
وكانت أمها ضعيفة وهنانة، لا خير فيها ولا اعتماد عليها، غير أنها كانت صابرة لا تشكو ولا تتذمر، وكانت محاسن كثيرا ما تقول لها إن طراوتها هذه هي التي أطمعت فيها زوجها وشجعته على ركوب رأسه، وإهمال حق بيته عليه، فكانت الأم تؤمن على كلامها وتتأوه، وتتنهد ثم تسأل: وماذا يسعني؟! ما حيلتي؟! الصبر طيب. ولم يكن صبرها عن حكمة وبعد نظر، بل عن ضعف ورخاوة وبلادة.
واستشارت محاسن الأستاذ حليما؛ فما كانت تعرف أحدا غيره تستطيع أن تفضي إليه بهذه الأمور؛ فعجز عن أن يشير عليها بما فيه خير أو يدلها على ما هو خليق أن يكشف الغمة ويفرج الكرب.
فسألته: وما رأيك؟ ألا أستطيع أن أزاول عملا أكسب به رزقا؟ إنه لا بد لنا من مال أفيده، وأعوض به النقص؛ فإن أبي يزداد كل يوما ضنا وتقتيرا؛ لأنه يزداد كل يوم تورطا مع صاحبته.
قال: وأي عمل تستطيعين أن تؤديه؟!
قالت: أستطيع أن أتلقى دروسا في الكتابة بالآلة الكاتبة، ثم أعمل في مكتب محام أو في شركة، فما قولك؟
قال: والله إنه لرأي، ويبدو لي أن هذه هي الوسيلة الوحيدة، ولكني أخشى عليك.
فتعجبت وسألته: مم؟
Неизвестная страница