[الأعراف: 20] إلخ، ومقاسمته لهما بعد إخراجه من الجنة لإبائه وتكبره، اتصلت إليهما وسوسته من حيث هو من الدنيا، أو من سماء، لخلق الله عز وجل له قوة ذلك، أو ذهبا فى فى الجنة تمتعا حتى وصلا بابها، فأسمعهما من خارج الباب، أو دخل الجنة متصورا فى صورة دابة من دواب الجنة ولم تعرفه الملائكة أو دخل فى فم الحية فمنه سمها، وكانت بقوائم على طولها من أحسن الدواب، فعوقبت بسلب القوائم، وقيل تسورت على الحائط، وقيل وقف طاووس على الجدار. فذهب إليه آدم وحواء فوسوس منهما إليه، وقد جاز إلى قرب الحائط، وقيل وسوس إليهما من وراء الجدار { عنها } أى عن الجنة، أو أزلهما عن الجنة عنها، أى بالشجرة، إذ أمرهما بالأكل منها { فأخرجهما } أى الشيطان بسبب الأكل الذى وسوس به، أسند الإخراج إلى السبب { مما كانا فيه } من النعم واللباس والجنة، وهذا فى ضمن لإخراج المذكور بقوله أزلهما، كرره تفصيلا وزيادة زجر لغيرهما، وطاعة آدم وحواء نسيانا لنهى الله عز وجل، أو توهما من أول الأمر، أن النهى للتنزيه من أمر سهل، يتحملانه من الأكل ولا يضرهما أو توهما التنزيه أو النسخ من قوله ما نهاكما وقوله، هل أدلك، ودعوه النصح مع القسم احتراما لحق الله أن يكذب عنه، ويخالف وعد ذلك دنيا فى حقهما لعلو مرتبتهما وعظم النعمة عليهما، فلا يردد أن الأنبياء لا يعصون قبل النبوة ولو صغيرة، ولا يستحضر فى قصة آدم ما يقال حسنات الأبرار سيئات المقربين، إذ لم يفعل آدم شيئا مما عوتب عليه يدعيه حسنة بل يستحضر أنه يعد فى حق على الرتبة ذنبا ما ليس ذنبا فى حق غيره، { وقلنا اهبطوا } أنت وحواء، عبر عنهما بصيغة الجمع، كما قال اهبطوا منها جميعا إلى الأرض، أنتما ومن فيكما من الذرية، وفيه خطاب المعدوم، أو أنتما وإبليس والحية، قيل والطاووس فنزل آدم بسر نديب من الهند على جبل يسمى نود، أوحواء بجدة بضم الجيم فى مدة أربعين عاما فيما قيل، والله قادر على أقل كما ينزل جبريل وغيره فى لحظة، وإبليس بأصبهان، والطاووس بالشام، أنتما لأكلكما من الشجرة. وإبليس لإبائه، والحية لحملها إبليس، والطاووس لإبلاغ أمر إبليس إليهما، وليس قولا بمرة، بل أهبط إبليس، ثم الحية، فالطاووس، ثم آدم وحواء، وللحية والطاووس فى الجنة عقل، فعوقبا بالإخراج أو ليس عقابا { بعضكم لبعض عدو } يطلق على الواحد فصاعدا، لأنه بوزن المصدر، كالقبول كما أنه يطلق فعيل الوصف كذلك لشبهه بالمصدر كالدبيب، والصرير، وذلك مجموع لاجميع فإن العداوة بين آدم وحواء فريقا، وبين إبليس والحية فريقا لا بين آدم وحواء، ولا بين إبليس والحية، ولا بينهم وبين الطاووس، وقيل الخطاب للذرية فى ضمن أبويهما، آدم وحواء، وذلك ظلم بعض لبعض { ولكم فى الأرض } متعلق بلكم لنيابته عن ثبت أو ثابت { مستقر } استقرار أو موضعه، والأول أولى، وليس المراد الموضع الذى نزلوا فيه { ومتع } تمتع أو ما يتمتع به { إلى حين } آخر أعماركم، وقيل قيام الساعة، لأن المراد هم وذرياتهم تنازعه مستقر ومتاع.
[2.37]
{ فتلقى ءادم } وحواء لقوله تعالى: قالا ربنا... الخ { من ربه كلمت } دعوا بهن ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، على الأصح، وقيل، سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، لا إله إلا أنت، ظلمت نفسى فاغفر لى، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وأخرج الحاكم فى المسند، عنه صلى الله عليه وسلم من طريق ابن عباس أنه قال،
" يا رب ألم تخلقنى بيدك، قال بلى، قال: يا رب ألم تنفخ فى الروح من روحك، قال: بل، قال: يا رب ألم تسبق رحمتك غضبك، قال: بلى، قال يا رب ألم تسكنى جنتك، قال: بلى، قال: يا رب إن تبت وأصلحت أراجعى أنت إلى الجنة، قال: نعم "
، وتلقى الكلمات: التوجه إليهن بقبولهن، والدعاء بهن، إذ ألهمهم الرحمن الرحيم إياهن، وقيل: هن توسله بمحمد صلى الله عليه وسلم حين رأه مكتوبا على ساق العرش، وقد علمه الله الكتابة { فتاب عليه } رجع إليه بعد الإعراض عنه، وولايته وعداوته لا تنقلبان لكنه شبه كراهته أكلهما بالإعراض ورضاه بندمهما بالرجوع، والله ينزه عن الجهات والأمكنة التنقل، أو قبل توبته أو وفقه للتوبة، وهكذا توبة الله حيث ذكرت وبعد ما تاب الله عليه بقى ثلثمائة سنة لا يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله عز وجل { إنه هو التواب } كثير الرجوع وعظيمه على عباده بالإنعام وقبول التوبة { الرحيم } للمعاصى والمطيع، إلا من أصر من العصاة فله فى الدنيا فقط، ولا يقال الله تائب لعدم وروده فى القرآن، والإجماع، وأسماء الله توقيفية، وقيل تقاس فيما ورد فيه لفظ الفعل أو غيره مسندا، فنقول الله تائب على عباده، لورود تاب عليه وتاب عليهم، وبانى السماء وداحى الأرض، واعلم أن لفظ الشرك حرام باتفاق الأمة ولو لم ينو به الشرك إلا حكاية أو اضطرار لأنه موهم، وذلك من الإلحاد فى أسمائه كما قال بعض العلماء: إن الله حكم بشرك من قال عزير بن الله، أو قال المسيح بن الله، ولو لم ينو حقيقة البنوة، وذلك بناء منهم على أن لفظ الإشراك شرك. ولم لم ينو، كما أن نيته شرك بلا لفظ أو مع لفظ، حتى إن من العلماء من لا يجيز للمضطر أن يلفظ بشرك ولو اطمأن قلبه بالإيمان، إلا بتأويل لفظه، أو بمعرضه، أو إسرار شىء يخالفه وينقضه، أو عناية ما مما ينقض اللفظ زيادة على اطمئنان قلبه، وإنما منعوا ما يوهم الشرك ولم لم يقصد، حسما لمادة الشرك، كما نص عليه بعض محشى البيضاوى، وقد اختلفوا فى أسماء الله، أتوقيفية أم قياسية فيما ورد فيه معنى المادة بشرط الإفاضة على الكيفية الواردة، مثل أن يقال فارش الأرض، وداحى الأرض، لقوله تعالى
والأرض فرشناها
[الذاريات: 48]،
والأرض بعد ذلك دحهآ
[النازعات: 30]، واتفقوا أنه لا يجوز تسميته بما يوهم شركا أو نقصا ولو مجازا بقرينة واضحة وعلاقة، مثل أن يقال: لله باب، فإنه لا يجوز إجماعا من الأمة مع أن قائله لم يقصد حقيقة النبوة، وإنما اختلفوا، هل يشرك من لم يقصد حقيقة النبوة والأبوة، فقيل يشرك، وقيل لا، وأما أن يقول قائل بجواز أن يقال لله باب فلا، بل اتفقوا أنه لا يجوز أن يقال ذلك، ولو بلا قصد لحقيقة البنوة والأبوة، واتفقوا أنه لا يجوز أن يترك إنسان بقوله وقد قال بعض فى برابرة المغرب:
إذا كنت فى الفردوس جار البربر
Неизвестная страница