تلك المكارم لا تغبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا وأنى يبعد عن كل مكرمة وعلا، وقد نمته ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبوه، وتفيئا في ظل، ودرجا في سكن، وتربيا في حجر، منتجبان مطهران من الدنس، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للنبوة، وأمير المؤمنين للخلافة، خلافة قد رفع الله عنها سنة الاستبداد، وطمس عنها وسم الذلة، فقد حلاها عن شربها، آخذا بأكضامها يرحضها عن مال الله حتى عضها الثقاف، ومضها قرص الكتاف، فجرجرت جرجرة العود فلفظته أفواهها، ومجته شفاهها، ولم يزل على ذلك وكذلك حتى أقشع عنكم ريب الذلة، واستنشقتم روح النصفة، وتطعمتم قسمة السواء، بسياسة مأمون الخرفة، مكتهل الحنكة، طب بأدوائكم قمن بدوائكم، يبيت بالربوة كاليا لحوزتكم، جامعا لقاصيتكم، يقتات الجريش، ويلبس الهدم ويشرب الخمس، وأنتم تريدون أن تطفئوا نور الله بأفواهكم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون، ثم إذا تكافح السيفان، وتنادت الأقران وطاح الوشيج، واستسلم الوشيض وعمعمت الأبطال، ودعيت نزال، وعردت الكماة وقلصت الشفاة، وقامت الحرب على ساق، وسألت عن أبراق، ألفيت أمير المؤمنين مثبتا لقطبها مديرا لرحاها، دلافا إلى البهم، ضرابا للقلل سلابا للمهج، براكا للوثبة، مثكل أمهات، ومؤيم أزواج، ومؤتم أطفال، طامحا في الغمرة، راكدا في الجولة يهتف بأولاها، فتنكفي على أخراها، فآونة يكفؤها، وفينة يطويها طي الصحيفة، وتارة يفرقها فراق الوفرة، فبأي مناقب أمير المؤمنين تكذبون، وعن أي امرئ مثل حديثه تروون، وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون.
وبه قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد البحري سنة خمسين وثلاث مائة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين، قال: حدثني الحسين بن الحكم الوشاء، قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، قال: حدثني علي بن الحسن العبدي، عن الأعمش، عن إبراهيم.
عن علقمة بن قيس والأسود بن يزيد قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري، قلنا: يا أبا أيوب، إن الله عز وجل أكرمك بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم إذ أوحى إلى راحلته فبركت على بابك، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضيفا لك فضيلة من الله فضلك بها، فأخبرنا، عن مخرجك مع علي بن أبي طالب؟
Страница 108