فلا عجب بعد ذلك أن نرى المسلمين -بل وغيرهم- على تعدد طبقاتهم، وتنوع ثقافاتهم يهتمون بهذا الكتاب المبين، حفظًا وتدريسًا، وقراءةً وتجويدًا، وكتابة وإتقانًا، وتعلمًا وتعليمًا، منهم من يهتم بلغته وبيان وجوه إعجازه، ومنهم من يقف على أخباره وقصصه، ومنهم من يَلِجُ إلى فهم أسراره واستنباط أحكامه وتفسيره.
وقد ظهر في حياة المسلمين منذ فجر الإسلام إلى يوم الناس هذا الكثير الكثير من التفاسير، تعددت أساليبها وكيفياتها، وبذل فيها أصحابها جهدَهم في الوصول إلى مراد الله تعالى من آياته ليحولوها إلى واقع حياتهم عملًا، فيتأدبوا بآداب القرآن، ويتخلقوا بأخلاقه أسوةً بالنبي المصطفى ﷺ.
وقد أشار الإمام الزمخشري -صاحب تفسير "الكشاف"- إلى كثرة التفاسير بقوله:
إنَّ التَّفَاسيْرَ في الدُّنْيَا بلا عَدَدٍ ... وَلَيْسَ فيْهَا لَعَمْريْ مثْلَ كَشَّافِيْ
إنْ كُنْتَ تَبْغِي الهُدَى فَالْزَمْ قِرَاءَتَهُ ... الجَهْلُ كَالْدَّاءِ وَالكَشَّافُ كَالشَّافِى
ولعمري إن هذا الكلام ليصدق أيضًا على هذا الكتاب الذي بين أيدينا (تيسير البيان لأحكام القرآن) للعلامة الموزَعي اليمني، وذلك لِمَا امتاز به هذا الكتاب من مزايا تجعله مقدَّمًا على كتب تفسير آيات الأحكام.
ولعل أهم مزايا الكتاب تلك المقدمة الرائعة التي استهلَّ فيها الموزَعي كتابه؛ حيث ذكر فيها القواعد والمسائل الأصولية واللغوية التي يرتكز عليها عملُ المفسِّر لكتاب الله تعالى، وخصوصًا آيات الأحكام الفقهية والفروع العملية.
والكتاب اسم على مسمَّى فهو مُيَسَّر بيِّن، وذلك لسلاسة أسلوبه،
مقدمة / 6