الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ ١. وقال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ ٢.
وقال (هرقل) لأبي سفيان - لما سأله عن النبي ﷺ ما يقول لكم؟ - قال: يقول: "اعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم"٣. وقال النبي ﷺ لمعاذ: "إنك تأتي قومًا أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله"٤. وفي رواية:"أن يوحدوا الله".
وهذا التوحيد هو أول واجب على المكلف، لا النظر ولا القصد إلى النظر ولا الشك في الله، كما هي أقوال لِمَن لم يدر ما بعث الله به رسول الله ﷺ من معاني الكتاب والحكمة، فهو أول واجب وآخر واجب، وأوّل ما يدخل به الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا، كما قال ﷺ: "مَنْ كان آخر كلامه (لا إله إلا الله) دخل الجنة"٥. حديث صحيح. وقال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله"٦ متفق عليه.
وقد أفصح القرآن عن هذا النوع كل الإفصاح وأبدأ فيه وأعاد، وضرب لذلك الأمثال، بحيث إن كل سورة في القرآن ففيها الدلالة على هذا
التوحيد، ويسمى هذا النوع:
١- توحيد الإلهية؛ لأنه مبني على إخلاص التأله، وهو أشد المحبة لله وحده، وذلك يستلزم إخلاص العبادة.
٢- وتوحيد العبادة لذلك.
٣- وتوحيد الإرادة، لأنه مبني على إرادة وجه الله بالأعمال.
٤- وتوحيد القصد، لأنه مبني على إخلاص القصد المستلزم لإخلاص العبادة لله وحده.
٥- وتوحيد العمل، لأنه مبني على إخلاص العمل لله وحده. قال الله تعالى: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ ٧. وقال: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّين وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ ٨. ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ...﴾ ٩،
_________
١ سورة الزخرف آية: ٤٥.
٢ سورة الذاريات آية: ٥٦.
٣ البخاري: بدء الوحي (٧)، ومسلم ١٧٧٣.
٤ البخاري: الزكاة (١٣٩٥)، ومسلم: الإيمان (١٩)، والترمذي: الزكاة (٦٢٥) والبر والصلة (٢٠١٤)، والنسائي: الزكاة (٢٤٣٥)، وأبو داود: الزكاة (١٥٨٤)، وابن ماجه: الزكاة (١٧٨٣)، وأحمد (١/٢٣٣)، والدارمي: الزكاة (١٦١٤) .
٥ أبو داود: الجنائز (٣١١٦)، وأحمد (٥/٢٣٣،٥/٢٤٧) .
٦ البخاري: الإيمان (٢٥)، ومسلم: الإيمان (٢٢) .
٧ سورة الزمر آية: ٢.
٨ سورة الزّمر آية: ١١-١٢.
٩ سورة الزّمر آية: ١٤-١٥.
1 / 21