جارية مقصورة فلم بها وقطعه حبها عن كثير من مصالحه، وظهرت آيات هواه لكل ذي بصر، إلى أن كانت هي تعذله على ما ظهر منه مما يقوده إليه هواه.
خبر: وحدثني موسى بن عاصم بن عمرو قال: كنت بين يدي أبي الفتح والدي ﵀ وقد أمرني بكتاب أكتبه، إذ لمحت عيني جارية كنت أكلف بها، فلم أملك نفسي ورميت الكتاب عن يدي وبادرت نحوها.
وبهت أبي وظن انه عرض لي عارض؛ ثم راجعني عقلي فمسحت وجهي ثم عدت واعتذرت بأنه غلبني الرعاف.
واعلم أن هذا داعية نفار المحبوب وفساد في التدبير، وضعف في السياسة؛ وما شيء من الأشياء إلا وللمأخذ فيه سنة وطريقة متى تعداها الطالب أو خرق في سلوكها انعكس عمله عليه، وكان كده عناء، وتعبه هباء، وبحثه وباء.
وكلما زاد عن وجه السيرة انحرافًا وفي تجنبها إغراقًا وفي غير الطريق إيغالًا ازداد عن بلوغ مراده بعدًا؛ وفي ذلك أقول قطعة منها: [من الطويل] .
ولا تسع في الأمر الجسيم تهازؤًا ... ولا تسع جهرًا في اليسير تريده وقابل أفانين الزمان متى يرد ... عليك فإن الدهر جم وروده بأشكالها من حسن سعيك يكفك ال ... يسير يسير والشديد شديده ألم تبصر المصباح أول وقده ... وإشعاله، بالنفخ يطفا وقوده
1 / 150