Тавилат
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Жанры
وخامسها: إن للباء صدقا في طلب قربة الحق ونيل المقصود الحقيقي لا يوجد في غيرها من الحروف وذلك أنها لما وجدت درجة حصول النقطة وبلغت هذه المرتبة وضعتها تحت قدمها؛ لصدقها في طلب المقصود الحقيقي والمطلوب الأصلي، وما تفاخرت بها بل أعرضت عنها حتى بلغت مقصدها الأقصى ومقصودها الأعلى، فالباء مخصوصة من سائر الحروف بوضع النقطة تحتها ولا تناقضها الجيم وإن كانت تحتها نقطة واحدة؛ لأن نقطة الجيم في وضع الحروف ليست تحتها بل هي وسطها وكذلك الباء، وإنما موضع النقطة تحتها عند اتصالهما بحرف آخر لئلا تشبها بالخاء والثاء بخلاف الباء فإن نقطتهما موضوعة تحتها وإن كانت مفردة غير متصلة بحرف آخر.
وسادسها: إن الألف حرف العلة وهو معلول لا يتحمل الحركة، والباء حرف صحيح غير معلول يتحمل الحركة وحالهما كما أن الله عرض الأمانة على أهل السماوات والأرض من الملائكة وغيرهم
فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان
[الأحزاب: 72] فأمر الملائكة بالسجود له فأبى إبليس واستكبر فلعنه الله وأسقطه عن قربته وطرده عن جواره وحضرته، واصطفى آدم من بريته واجتباه لقربته وزاد في علو درجته وهداه إلى محبته ومعرفته.
وسابعها: إن الباء حرف تام متبوع في المعنى وإن كان ناقصا منكسرا تابعا في الصورة، والألف حرف ناقص تابع في المعنى وإن كان تاما متبوعا في الصورة ألا ترى أنك إذا نظرت إلى صورة وضع الحروف وجدت الألف مقدما على الباء متبوعا له، وإذا قلت الباء وجدت الألف تابعا وإذا قلت الألف لم تجد للباء تبعية فالابتداء بالمتبوع التام في المعنى والناقص المنكسر التابع في الصورة أولى من الابتداء بمن هو على مثل هذا.
وثامنها: إن الباء حرف عامل يعمل ويتصرف في غيره، فظهر لها من هذا الوجه قدر وقدرة فصلحت للابتداء، والألف ليس بعامل ولا متصرف في غيره فليس له هذا القدر والقدرة، فما صلح للابتداء والاقتداء.
وتاسعها: إن الباء حرف في صفاته مكمل لغيره، فكماله في صفاء نفسه بأنه للإلصاق والاستعانة والإضافة، وفيه تواضع إذا لم تقبل من الحركات إلا الكسرة، وله علو وقدر في تحميل الغير بأن يخفض الاسم التابع له ويجعله مكسور الصفات نفسه بحيث كل اسم يجيء خلف الاسم التابع له يكون مسكورا بالإضافة، والذي يجيء بعده يكون مكسور بالصفة إلى غير النهاية كما دخل على الاسم، وجعل ميم بسم مكسورة، وجعل الهاء من الله مكسورة بالإضافة، والنون من الرحمن مكسورة بالصفة، والميم من الرحيم أيضا مكسورة بالصفة لو شئت هلم جرا، فالكامل المكتمل أولى بالإمامة والتقدم من الألف الذي هو ناقص معلوم في نفسه منقص معلل لغيره، فإنه لو دخل في الفعل الماضي يجعله مهموز الفاء معتل العين ناقص اللام.
وعاشرها: إن الباء حرف شفوي تفتح الشفة به ما لم تفتح بغيره من الحروف؛ لأن بالميم وإن كان شفويا لا تفتح الشفة به كما تفتح بالباء حسا، وكان أول انفتاح فم الذرة للإنسانية في عهد
ألست بربكم
[الأعراف: 172] بالباء في جواب { بلى } فلما كان الباء أول حرف نطق به الإنسان وفتح به فمه، وكان مخصوصا بهذه المعاني اقتضت الحكمة الإلهية اختيارها من سائر الحروف، فاختيارها ورفع قدرها وإعلاء شأنها وأظهر برهانها وأعز سلطانها وجعلها مفتتح كتابه ومبتدأ كلامه وخطابه، وأعطاها رفعة الألف وقامته وتقدمه على الحروف وإمامته فحذف الألف في { بسم الله } وطول باؤه لإظهار تعظيمها وتفخيمها؛ إذ منها مرتبة الألف وأثبتها مكانه وقرنها باسم ذاته وصفاته، وجعلها معدن إشاراته ومنبع كراماته مع بريته.
Неизвестная страница