Тавилат
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Жанры
يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم
[الأحزاب: 70-71]؛ يعني: قولوا هذه الكلمة، يبالي أن يتقي بتنقيتها خباثة قد أخذتموها من التكليف عن قومكم، ويثبت بإثباتها طيب التوحيد والمعرفة، فتطيب أعمالكم وتغفر لكم ذنوبكم بتطيب أخلاقكم، فلما سلمتم من خباثة أعمالكم بتطيب أخلاقكم نوديتم من سرادقات الجلال عن حرثه جنات عالم الجمال،
سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين
[الزمر: 73].
ثم قال تعالى: { واعلموا أن الله غني حميد } [البقرة: 267]؛ يعني: من كمال غناه يسد فقركم جميعا بشظية من كمال غناه ويفنيكم كلكم، وما ينقص من كمال غناه مثقال ذرة، وظاهر قوله تعالى: { أنفقوا من طيبات ما كسبتم } [البقرة: 267]، يقتضي أنه يطلب من غناكم، وباطنه يبقى عن مطالبة إياكم، يفنيكم بلا علة وغرض يرجع إليه، بأن تشكروا له على نعمه، أو تحمدوه على فضله وكرمه، فإنه في ذاته حميد بصفاته مجيد.
[2.268-270]
ثم أخبر عن عدة الشيطان وعدة الرحمن بقوله تعالى: { الشيطان يعدكم الفقر } [البقرة: 268]، والإشارة فيها: أن الشيطان حين يعدكم بالفقر ظاهر، فهو يأمركم بالفحشاء حقيقة، والفحشاء: اسم جامع لكل سوء؛ لأن عدته بالفقر تضمن معاني الفحشاء، وهي البخل والحرص، واليأس من الخلق، والشك في وعد الحق للخلق بالرزق، والخلف للمتفق ومضاعفة الحسنات، وسوء الظن بالله وترك التوكل عليه، وتكذيب قول الحق، ونسيان فضله وكرمه، وكفران النعمة، والإعراض عن الحق، والإقبال على الخلق، وانقطاع الرجاء من الله وتعلق القلب بغيره، ومتابعة الشهوات، وإيثار الحظوظ وترك العفة والقناعة، والتمسك بحب الدنيا وهو رأس كل خطيئة وبذر كل بلية؛ ولهذا القوم بالتخصيص الانحطاط من كل مقام علي إلى كل منزل دنىء، مثل الخروج عن حول الله وقوته إلى حول نفسه وقوتها، والنزول عن التسليم والتفويض إلى التدبير والاختيار، ومن العزائم إلى الرخص والتأويلات، والركون إلى غير الله تعالى بعد السكون معه، والرجوع إلى ما تركه الله بعد بذله في الله، فهذه كلها وأضعافها مما تضمنت عدة الشيطان بالفقر، فمن فتح على نفسه باب وسوسة فسوف يبتلى بهذه الآفات.
{ والله يعدكم مغفرة منه وفضلا } [البقرة: 268]، ومن سد على نفسه باب وسوسة بالعدة، يفتح على نفسه باب عدة الحق بالمغفرة، ويفيض الله تعالى من بحار فضله سجال ثوابه، ويحفظه من هذه الآفات ويخطه على عسكها من أنواع الكرامات ورفعة الدرجات، { والله واسع } [البقرة: 268]، فضله وكرمه وعطاؤه وملكه وغناؤه ورحمته ومغفرته، { عليم } [البقرة: 268]، بمن سد باب وسوسة الشيطان على نفسه، وفتح باب الفضل والمغفرة والرضوان من ربه، فينعم عليه بأنواع مما لديه عاجلا وآجلا، فمن ذلك يفتح الله تبارك وتعالى على قلبه بابا من خزائن حكمته عاجلا، وهي مختصة بمشيئة إلا مشيئة الخلق كما ظن الفلاسفة والأطباء، فإنه تبارك وتعالى: { يؤتي الحكمة من يشآء } [البقرة: 269].
فظن قوم أن الحكمة مما يحصل بمجرد التكرار وهي نتائج الأفكار، وما فرقوا بين المعقولات والحكميات والإلهيات، فالمعقولات مشتركة بين أهل الدين وأهل الكفر، وبين المقبول والمردود، فالمعقول ما يحكم عليه ببرهان عقلي، وهذا ميسر لكل عاقل بالدراية وبالقوة، فمن صفي عقله عن شوائب الوهم والخيار بدرك عقله المعقول بالبرهان ورأيه عقلية، ومن لم يصف العقل عن هذه الآفات، فهو يدرك المعقول قراءة بتفهيم أستاذ مرشد، فإن الحكمة ليست من هذا القبيل، فإن العقول عن دركها بذواتها محتسبة، والبراهين العقلية والنقلية عنها مخنسة، فإنها مواهب ترد على قلوب الأنبياء والأولياء عند تجلي صفات الجمال والجلال، وفناء أوصاف الخلقية لشواهد صفات الخالقية، فيكاشف الأسرار بحقائق معان أورثتها تلك الأنوار، ستر البشر وإضمار بإضمار، فإمارة صحتها معادلتها لحقائق القرآن، بل هي عين حقائق القرآن، كما قال صلى الله عليه وسلم:
" أوتيت القرآن وما يعدله "
Неизвестная страница