Та'вил Мушкил аль-Коран
تأويل مشكل القرآن
Исследователь
إبراهيم شمس الدين
Издатель
دار الكتب العلمية
Место издания
بيروت - لبنان
وكذا. وأكثر ما يقول السلطان والحاكم بعد وجوب الحكم: خذ بيده واسفع بيده.
ونحوه قول الله: لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ [العلق: ١٥، ١٦] أي لنأخذنّ بها، ثم لنقيمنّه ولنذّلنّه إما في الدنيا وإما في الآخرة، كما قال تعالى: فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ [الرحمن: ٤١] أي يجرّون إلى النار بنواصيهم وأرجلهم. ثم قال: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦) [العلق: ١٦] وإنما يعني صاحبها. والناس يقولون: هو مشؤوم الناصية. لا يريدونها دون غيرها من البدن. ويقولون: قد مرّ على رأسي كذا. أي مر عليّ.
فكأنه تعالى قال: لو كذب علينا في شيء مما يلقيه إليكم عنّا، لأمرنا بالأخذ بيده، ثمّ عاقبناه بقطع الوتين.
وإلى هذا المعنى ذهب الحسن فقال في قوله تعالى: لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) [الحاقة: ٤٥] أي بالميامن، ثم عاقبناه بقطع الوتين، وهو: عرق يتعلق به القلب، إذا انقطع مات صاحبه.
ولم يرد أنا نقطعه بعينه، فيما يرى أهل النظر، ولكنّه أراد: ولو كذّب علينا لأمتناه أو قتلناه، فكان كمن قطع وتينه.
ومثله
قول النبي ﷺ: «ما زالت أكلة خيبر تعادّني، فهذا أوان قطعت أبهري» «١» .
والأبهر: عرق يتصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه. فكأنّه قال: فهذا أوان قتلني السّمّ، فكنت كمن انقطع أبهره.
ومنه قوله سبحانه: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦) [القلم: ١٦] ذهب بعض المفسّرين فيه: إلى أنّ الله ﷿ يسم وجهه يوم القيامة بالسّواد.
وللعرب في مثل هذا اللفظ مذهب نخبر به، والله أعلم بما أراد.
تقول العرب للرجل يسبّ الرجل سبّة قبيحة، أو ينثو عليه فاحشة: وقد وسمه بميسم سوء. يريدون: ألصق به عارا لا يفارقه، كما أنّ السّمة لا تنمحي ولا يعفو أثرها.
وقال جرير»
:
_________
(١) أخرجه بنحوه البخاري في المغازي باب ٨٣، والدارمي في المقدمة باب ١١، وأحمد في المسند ٦/ ١٨، والقاضي عياض في الشفا ١/ ٦٠٩، والخطابي في إصلاح خطأ المحدثين ٣٣، والقرطبي في تفسيره ٥/ ١٦٣، والمتقي الهندي في كنز العمال ٣٢١٨٩، والذهبي في ميزان الاعتدال ٦٢٦٣، وابن عدي في الكامل في الضعفاء ٣/ ١٢٣٩. [.....]
(٢) البيت من الطويل، وهو في ديوان جرير ص ٤٤٣.
1 / 100