Та'вил Мушкил аль-Коран

Ибн Кутайба d. 276 AH
68

Та'вил Мушкил аль-Коран

تأويل مشكل القرآن

Исследователь

إبراهيم شمس الدين

Издатель

دار الكتب العلمية

Место издания

بيروت - لبنان

والأرض معقلنا وكانت أمّنا ... فيها مقابرنا وفيها نولد وقال يذكرها «١»: منها خلقنا وكانت أمّنا خلقت ... ونحن أبناؤها لو أننا شكر هي القرار فما نبغي بها بدلا ... ما أرحم الأرض إلا أنّنا كفر وقال الله تعالى في الكافر: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (٩) [القارعة: ٩] لمّا كانت الأمّ كافلة الولد وغاذيته، ومأواه ومربّيته، وكانت النار للكافر كذلك- جعلها أمّه. وقال في أزواج النبي، ﷺ: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الأحزاب: ٦]، أي: كأمهاتهم في الحرمات. وفي (التوراة) (إنّ الله برّك اليوم السابع وطهّره، من أجل أنه استراح فيه من خليقته التي خلق) . وأصل الاستراحة: أن تكون في معاناة شيء ينصبك ويتعبك، فتستريح. ثم ينتقل ذلك فتصير الاستراحة بمعنى: الفراغ. تقول في الكلام: استرحنا من حاجتك وأمرنا بها. تريد فرغنا، والفراغ، أيضا يكون من الناس بعد شغل. ثم قد ينتقل ذلك فيصير في معنى القصد للشيء، تقول: لئن فرغت لك، أي قصدت قصدك. وقال الله تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١) [الرحمن: ٣١] . والله ﵎ لا يشغله شأن عن شأن. ومجازه: سنقصد لكم بعد طول التّرك والإمهال. وقال قتادة: قد دنا من الله فراغ لخلقه. يريد: أن الساعة قد أزفت وجاء أشراطها. وتأوّل قوم في قوله تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨) [الانفطار: ٨] معنى (التناسخ) . ولم يرد الله في هذا الخطاب إنسانا بعينه، وإنما خاطب به جميع الناس كما قال: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحًا [الانشقاق: ٦] كما يقول القائل: يا أيها الرجل، وكلّكم ذلك الرجل. فأراد أنه صوّرهم وعدّلهم، في أيّ صورة شاء ركّبهم: من حسن وقبح، وبياض

(١) البيتان من البسيط، وهما في ديوان أمية بن أبي الصلت ص ٣٢.

1 / 70