بالباطن فإذا وجبت مفاتحته وفوتح كان ذلك أيضا له مثل الختان فلذلك يقال فى الظاهر إذا اختتن أنه طهر فتأويل ذلك يجرى فى المفيد وفى المستفيد على ما ذكرناه وأما خفض الجوارى وهو قطع ما خرج عن حد فروجهن فمثله فى الباطن قطع ما يظهره المستفيد الذي مثله مثل المرأة مما يلقى إليه من الباطن من قبل أن يؤذن له فى ذلك ويصير فى حد الرجال وأمثالهم.
ويتلو ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يترك الأقلف فى الإسلام حتى يختتن ولو بلغ ثمانين سنة، فالأقلف فى الظاهر هو الذي لم يختتن، وباطن ذلك أن من استسلم لأولياء الله تعالى واستجاب لدعوتهم لم يترك على ظاهر ما كان عليه بل يكشف له عن الباطن ويعلم الحكمة وإن بلغ من السن أقصى العمر ولم يكن مثله فى حد من يتعلم فيما يتعارف من ظاهر أمر الناس فإنه لا بد له من أن يتعلم من ذلك ما لا يسعه جهله.
ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.
ويتلو ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول من اختتن إبراهيم صلى الله عليه وسلم على رأس ثمانين سنة من عمره أوحى الله إليه أن تطهر فأخذ من شاربه ثم قيل له تطهر فقلم أظفاره ثم قيل له تطهر فنتف إبطيه ثم قيل له تطهر فحلق عانته ثم قيل له تطهر فاختتن. وتأويل ذلك فى الباطن أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم أول من كشف له عن علم الباطن حقيقة الكشف وكان ذلك فيما قبله إنما يدرك بالإشارة والرموز وبدون ما كشف له عنه ومن ذلك قول الله:@QUR09 «وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين» [1].
وقوله:@QUR08 «وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى» الآية[2] وقد مضى تأويلها فإبراهيم صلى الله عليه وسلم هو أول من أمده الله تعالى بالاتساع فى العلم وكشف له عن مكنون سر الحكمة وجميع أهل الشرائع بعده على اتباعه والتأسى به وملته هى الملة الحنيفية التى بعث الله بها محمدا صلى الله عليه وسلم لما غيرها المبطلون ليحييها ويقيمها.
Страница 149