107

والطريق تضيق وتلتهب نارا، إنه واقع، إذن لا أظن أنه بإمكاني الحياة بعد ذلك، يجب أن أموت، إنها الإشارة وقد تلقيتها، لقد طهرتني النار. - أنت لم تزل محموما. - ليست هي الحمى، إنني محق وإنني الآن بكامل وعيي.

أخذ يحكي لي عن فشله في الحياة وإحباطاته، وأنه كان يريد أن يصبح صوفيا مثل الحلاج، أو ابن عربي، ولكنه فشل في ذلك لأنه جاء في الزمن الخطأ؛ إذن ... إنه خطأ ميلاده، قال لي: عندما حاولت نوار سعد الاقتراب مني في تلك الليلة، هل تذكرين؟ - نعم، انتهرتها وطلبت منها مغادرة المحراب. - لم أقل لك إنها في زيارتها الأخيرة للمرة الثانية، والثالثة، والرابعة كانت تفعل ذلك، وفي كل مرة تحضر فيها للمحراب كانت تحاول ... وبكل ثقة وبكل قوة. هل كانت تعرف بصورة خفية أنني ما أزال مستودعا للرغائب والشهوات، وأنني متسخ؟ بالفعل أنا كذلك، لقد حاولت الخلاص - كما ترين - ولكنني لا أزال أحس بالرغائب تزحف في، تتظاهر وتنفعل وتثور، مثلي مثل أي كلب، أو أية ضفدعة. أيضا أقول لك كم مرة تشهيتك فيها، تشهيت مشاطرتك الحب وفعله، وأنت تنامين في قطيتك بملابس النوم، وحدث فعلا أن نهضت من فراشي وتسللت إلى حجرتك ذات ليلة مقمرة، الملاءة التي تغطين بها جسدك منحسرة عن ساقيك وردفيك، في الحق، ما كانت تغطي غير بعض صدرك ووجهك، تمكنت من خلال ضوء القمر أن أرى أشياءك الجميلة بكل وضوح، وتحرك في وحش الرغائب أو سلطانها، وكدت أن أقبل مكانا ما في ساقيك، كان يشعلني بالحب والانتعاظ. نعم لا تزال صورتك وأنت على تلك الحال تمر أمامي ناظري.

هل إذا تشهيتك زنيت بك؟ ماذا لو انتهزت تلك اللحظة؟

قلت له: وهل أنا بما تتصوره من ضعف سأستسلم لك فقط لأنك تشهيتني؟ أو لكوني عارية؟ لكن ماذا لو كانت نوار سعد في مكاني؟ قال مبتسما: لا أنكر أنني معجب بأسلوب نوار سعد في الحياة، ذلك الأسلوب الواضح الشهواني، لكنني لا أزال أمني النفس بالنقاء، أمني النفس بالعودة إلي، هل سأبقى متسخا وبروحي ضياع، وبقلبي ذلك الحلم الجميل؟

أما مايازوكوف

مايازوكوف أيضا ...

مايازوكوف أيضا حضر للبلاد الكبيرة وبطلب رسمي من الحكومة بأن يتولى عمادة كلية الفنون الجميلة بالجامعة التي بناها بقلبه وأظافره، وقالوا له إنهم تأكدوا من نظافة اسمه وخلوه من الشبهات، أما مايازوكوف، فقد كان يؤكد أن سبب رجوعهم هو أن العلاقة بين الدول العربية كالعلاقة بين جندي وداعرة في زمان الحرب؛ تمر بلحظات قطيعة مفاجئة، ليس للجندي يد فيها، وليست لها يد فيها أيضا، وتمر بلحظات تواصل قدري، ليست للجندي يد فيها ولا للداعرة، الاثنان لا يدومان في التواصل ولا في القطيعة.

وصف لها بلادا وجاء بها إلى أخرى

تحدث الناس ...

تحدث الناس عن استياء زوجة مايازوكوف عندما داهمها الذباب والبعوض، وهي تعبر شوارع المدينة وزوجها إلى الجامعة في اليوم الأول، ولو أنهما استغلا عربة كانت في انتظارهما عند المطار، إلا أن العربة كانت غير مكيفة الهواء، والجو حار؛ لذا كانت النوافذ مشرعة، لذا عندما تنخفض سرعة العربة عند برك المياه ونتوءات الطريق؛ فإن رائحة الفضلات الآدمية والحيوانية مصحوبة بجيوش الذباب لا مفر من معانقتها، وقيل إنها أحست بأن مايازوكوف قد خدعها؛ لأنه وصف لها بلادا وجاء بها إلى أخرى.

Неизвестная страница