قال: ليحمل كل وصيف منديلا وائتي بها يحيى، وقل له أطعمتنا من طعامك، ونكسوك من كسوتنا.
قال: فإن أبى أن يقبل منها شيئا فاعرضها عليه منديلا منديلا وثوبا ثوبا.
قال: فمضيت بها إليه وأبلغته الرسالة.
فقال يحيى: قل لأمير المؤمنين، هذا من لباس أهل العافية، ولست من أهلها، فليس بي إليها حاجة فاردده إلى موضعه.
قلت: فإنه قد أحب أن تنظر إلى هذه الثياب.
قال: اصنع مابدا لك.
قال: فجعلت أعرضها عليه ثوبا ثوبا، فما ينظر إليها ولا يحفل بها حتى فرغت منها.
فأقبل علي، فقال: يا أبا هاشم أرى أمير المؤمنين قد ذكرني، فإن رأيت أن تخبره بما أنا فيه من الضيق، وتسأله الصفح والتفضل فافعل.
فقلت له: لا ولا كرامة لك، لست لذلك بأهل مع خروجك على أمير المومنين، وتمنيك ماليس لك، ورجعت إلى الرشيد فخبرته بعرضي الثياب عليه، وبما قال لي.
قال: فرآها كلها؟
قلت: نعم. فبكى حتى رأيت الدموع تتحدر على خديه.
فقلت له: إنه قال كذا وكذا، فرأيته وقد غضب وذهبت الرقة وقلصت الدموع من خديه، وارتفعت، ثم نهرني وقال:فما قلت له؟ فخبرته بما قلت، فسكن، وقال:أحسنت بارك الله عليك.
قال النوفلي: فخبرني أبي وغيره أن يحيى بن عبد الله أقام في الحبس حتى بعث الرشيد إليه من خنقه فمات.
Страница 447