[أمان الرشيد لصاحب الترجمة]
فكتب له الرشيد أمانا محكما وحلف له بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك والأيمان المغلظة أن لا يناله منه مكروه، وكتب له نسختين نسخة عنده ونسخة عند يحيى.
فلما خرج إليه أظهر بره وإكرامه وأعطاه مالا وهو ألف ألف درهم، ولم يزل آمنا إلى أن سعى به إلى الرشيد الزبيري وأصحابه.
قال النوفلي: وحدثني أحمد بن سليمان عن أبيه أنه حج في السنة التي قدم فيها يحيى بن عبد الله بعد الأمان، وقد أذن له في الحج، قال:فرأيته جالسا في الحجر وبإزائه بعض مواليه وموالي أبيه، ونعليه بين يديه، وأنا لا أعرفه غير أني ظننت أنه من ولد فاطمة رضوان الله عليها، وهو أسمر نحيف خفيف العارضين، فشغل قلبي الفكر فيه، وأنا في ذلك الطواف إذ مرت بي عجوز من عجائز أهل المدينة تطوف، فلما وقعت عينها عليه أتته، فقالت:بأبي أنت وأمي يابن رسول الله، الحمد لله الذي أرانيك في هذا الموضع آمنا.
فلما عرفه الناس ازدحموا عليه فمد يده إلى نعله فانتعلهما، وخرج من المسجد إلى منزله.
قال أبو إسحاق إبراهيم بن رباح في حديثه: سمعت عبد الله بن محمد بن الزبير، وكان أبوه خاصة الرشيد، وذلك أنه كان صاحب رقيق بالمدينة، وكان الرشيد يبتاع منه الجواري، فصار عدة منهن أمهات أولاد، وكان الفضل بن الربيع يأنس به.
قال إبراهيم: فحدثني عبد الله، عن أبيه قال:دخلت مع الفضل يوما إلى الرشيد، فرأيت يحيى بن عبد الله بين يديه، والرشيد يقرعه ويعتد عليه بأشياء، وفي كم يحيى بن عبد الله كتب، فجعل يحيى يدخل يده فيخرج كتابا، ثم يناوله الرشيد، ويأخذ بطرفه، ويقول: اقرأ هذا يا أمير المؤمنين فإذا أتى على قراءته أدخله كمه، وأخرج كتابا آخر ففعل مثل ذلك، قال: واعلم أن تلك الكتب حجج ليحيى، فعرض لي أن تمثلت بقول الشاعر:
أنا أتيحت له حرباء تنضبة .... لايرسل الساق إلا ممسكا ساقا
قال: فأقبل علي الرشيد مغضبا، فقال: تؤيده وتلقنه وتؤازره؟
Страница 441