[طوافه الأقطار وموقف هارون منه]
وصار يحيى بن عبد الله بنفسه إلى اليمن وأقام بها مدة، ثم صار إلى مصر وأرض المغرب، ونواحيها، فاشتد له الطلب من موسى أطبق، ومات موسى سنة إحدى وسبعين ومائة، واستخلف هارون بن محمد أخوه، وهو شر منه فأنفذ في طلب يحيى بن عبد الله ودس إليه الرجال وبذل لهم الأموال، وانصرف يحيى بن عبد الله إلى العراق، ودخل بغداد، وعلم به هارون فأخذ عليه الطرق والمراصد وفتش المنازل والقصور والأسواق والسكك «المحلات» بجميع بغداد فنجا منه.
وخرج إلى الري فأقام بها شهرا وزيادة ثم صار إلى خراسان، ثم صار إلى ناحية جوزجان وبلخ فاشتد به الطلب من هارون، وكان صاحب خراسان حينئذ هرثمة بن أعين قريبا من ثلاث سنين.
وصار يحيى إلى وراء النهر، ووردت كتب هارون إلى صاحب خراسان يطلبه.
فصار إلى خاقان ملك الترك ومعه من شيعته وأوليائه ودعاته من أهل المدينة والبصرة والكوفة وأهل خراسان مقدار مائة وسبعين رجلا، فأكرمه خاقان ملك الترك وأنزله أفضل منازله، وقال له:مماليكي كلها لك وأنا بين يديك، وأوسع عليه وعلى أصحابه من الخيرات والمعونة بكل ما يحتاجون إليه، حتى اتصل الخبر بهارون بمكانه عند خاقان، فأنفذ إلى خاقان ملك الترك رسولا يقال له النوفلي ، وسأل خاقان أن يسلم إليه يحيى بن عبد الله فأبى ملك الترك ذلك، وقال له : لا أفعل ولا أرى في ديني الغدر والمكر وهو رجل من ولد نبيكم شيخ عالم زاهد قد أتاني والتجأ إلي وهرب منكم وهو عندي عزيز مكرم.
فأقام يحيى بن عبد الله عنده سنتين وسته أشهر، ثم خرج وقال له ملك الترك: لا تخرج فلك عندي ما تريد.
فقال يحيى بن عبد الله: لا يسعني المقام في ديني، «وقد رجع الي دعاتي وثقاتي»، وقد بايعني أهل المشرقين والعراقين وخراسان، ووردت كتبهم علي وجزاه خيرا.
Страница 439