رآني بعين قد رأى الله ذلكم .... وكان يسيرا عنده أعظم ا لجرم
فأعرض عن جهلي وداوى سقامه .... بطب أناة أذ هبت نكث السقم
لئن كان حقا ما جنيت لقد عفا .... معاملة الإحسان من ملك ضخم
بمن أمير المؤمنين وطوله .... هدت وآوت بالأمن روحي إلى جسمي
سأمنحه شكرا أديم اتصاله .... مدى الدهر أقصى منتهى غاية الوهم
ثم قال: أغضى والله عن العورة، ونفس الكربة، ووصل الرحم، وعفا عن الجرم، وحفظ محمدا في أهله، واستوجب الشكر من أهل بيته، ثم وجه محمدا عليه السلام وأبا الشوك إلى خراسان فلم يزل بها بأكرم مثوى، وأحسن حال حتى طعن في جنازته فمات عليه السلام.
قال: فهذا ما كان من أمرهم، وذكر بعض الناس أنه لما أمر بضرب عنق أبي السرايا أمر أن يعلق رأسه في عنق أبي الشوك ويمضى به إلى المدائن فيدار به فيها، فلما فعلوا ذلك ردوه إلى الحسن بن سهل فبعث بالرأس وبمحمد بن محمد وبأبي الشوك إلى خراسان.
ويقال: إن محمد بن محمد بن زيد أقام بالكوفة بعد خروج أبي السرايا عنها وحارب المسودة سنة وثلاثة أشهر وأياما، وقصد بجيشه بغداد، وهو في زهاء عشرة آلاف وزيادة، وكان بينه وبين الحسن بن سهل وزير المأمون خمسة عشر وقعة حتى وافى بنفسه وبجيشه إلى فرسخين من بغداد، وقاتل حتى لم ير الناس في زمانه مثله رحمة الله عليه.
وخرج إلى قتاله الحسن بن سهل في زهاء خمسين ألفا من أهل بغداد، وقد تستروا بالتوارك والتراس حتى قتل بينهم عشرة آلاف وزيادة، وأسر محمد بن محمد بن زيد عليه السلام في آخر الوقعة على شط الفرات، وهو مجروح، وحمل إلى خراسان إلى عند المأمون بمرو، فحبسه سرا وقتله سرا ودفنه سرا وهو ابن إحدى وثلاثين سنة، ويقال: ثلاث وثلاثين سنة. والله أعلم.
Страница 491