Эффект лотоса: роман о наночастицах в биомедицинских исследованиях
تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي
Жанры
عاد أندرياس يحمل وعاء أبيض، كتب رقمه على الغطاء بطرف قلم أسود. فناول فاندا الوعاء صامتا، ثم اتخذ موقعه أمام فتحة المدخل حسبما اتفقا.
الفصل الحادي والثلاثون
شوكولاتة قديمة
قدرت فاندا أن وزنه لا يزيد عن 700 جرام؛ وزن شق مخ هيلبيرج لا يزيد عن القرنبيط الذي اشترته مؤخرا من السوق الأسبوعية بشارع فرانكفورت. إذن الدماغ كله يصل وزنه إلى كيلوجرام ونصف. كرأسي قرنبيط متوسطي الحجم، هل هذا طبيعي؟ قلبت فاندا الشق الأيسر في يديها بحرص. كان العضو عاجي اللون، سميكا، لكن ليس صلبا بأية حال مثل مرجان مخ متحجر. لم تمس فاندا مخا بشريا من قبل قط. داخليا تراجعت خطوة إلى الوراء، لم تكن تريد أن تفكر في هيلبيرج الآن، فقد اختفى وراء تلافيف المخ، وبين ثنياته وتجعيداته الفنية، بين الفص الجبهي والفص الصدغي، ووراء الموضوعية التي تحاول أن تمارس بها عملية التشريح. فقط البرودة التي زحفت من أصابعها إلى ذراعيها، جعلت قشعريرة تسري في بدنها كله. كانت رائحة الفورمالين تخز أنفها سلفا. سيتعين عليها العمل بسرعة. تعرفت على قنوات الشم في الجزء السفلي. لم تكن سوى شريط يبلغ طوله خمسة سنتيمترات، يبدأ من رأس صغير هو البصيلة الشمية. بحذر استخرجت حزمة الألياف ووضعتها على غطاء الوعاء البلاستيكي. كان كل من المخيخ وجسر فارول الموصل إلى النخاع المستطيل، قد تم فصلهما. فنظرت فاندا في الوعاء البلاستيكي فلم تجدهما. ظلت كتلة المخ في قبضة يدها اليسرى بينما هي تتفحص أجزاءها الداخلية، إذ كشفت عنها من خلال شق متمكن بين نصفي المخ. كانت فاندا تفكر أنها أمام تمثال منحوت يتعين عليها أن تستنتج مغزاه. سيتعين أولا فهم ذاك الجزء الصغير الذي استأصلته. كان شاحبا مثل حبة فول صويا، لكن أصغر بكثير، لا بد أن هذا هو الجسيم الحلمي الأيسر بالجهاز الحوفي. من هناك دخلت بسبابتها في انحناء خفيف حول منطقة تميل للون الرمادي البني، تهجع بين الثنايا المتشققة مثل بحيرة في قلب جبل. وجدت طريق الشاطئ أصفر اللون عبر الجزء الشمالي الرفيع من هذه البقعة العميقة. كانت فخورة بنفسها أن تمكنت من التعرف على المهاد والقبوة دون مساعدة يوهانيس. المهاد يعد هو البوابة للوعي، أما القبوة فتربط الجسيمات الحلمية بقرني آمون
Cornu Ammonis ، فتسمح للأحاسيس والخبرات بالمرور مانحة إياها ما يشبه ختم الدخول، وبغير هذا لا يمكن استدعاؤها من الذاكرة بتاريخها الصحيح، مما يمكن من تتبع تسلسل حدث ما في الماضي. ظنت لوهلة أنها تقف ثانية في حجرة المعيشة بمنزل والديها، شاعرة بالعجز كما في الحلم الذي يتكرر. ابتلعت الغصة التي ولدت في حلقها. الآن فقط لاحظت فاندا أنها كانت تتنفس من فمها؛ إذ كان أنفها مسدودا تماما، وكذلك عيناها كانتا ملتهبتين من الفورمالين. سحبت منديلا ورقيا من العلبة المثبتة على الحائط وتمخطت. لم يجدها ذلك نفعا. فحملت مصدر الأذى تحت مصباح الطاولة وتأملت بنيته التي اكتشفتها للتو. هنا في الجهاز الحوفي تختفي طبيعتنا البرية: الهروب، والإطعام، والقتال، والجنس. في هذه المنطقة أظهر علاج النانو الذي استعملته زابينة على الفئران التأثير الأكبر، كما أن هنا اكتشف يوهانيس سحجات كبيرة الحجم عند تشريح أمخاخ الفئران. أغلقت فاندا عينيها اللتين أخذتا تقطران بسبب التهيج غير المعتاد، كانت بضع دمعات قد انسابت على وجهها. لم تتمكن من اكتشاف شيء غير طبيعي، لكنها أيضا ليست خبيرة في الأمراض العصبية. ومن ثم، حان وقت الاتصال بيوهانيس.
أجاب يوهانيس اتصالها فورا، فوصفت له فاندا ما تراه.
أراد أن يعرف: «هل تستطيعين التعرف على المادة السوداء؟» مسحت فاندا جذع المخ المشقوق أسفل الجسيمات الحلمية. «لا تستحق هذا الاسم. فلونها أحد درجات اللون الرمادي إن كان لها لون.»
علق يوهانيس باقتضاب: «ناقصة الصباغة»، وكان يدون الملاحظات ، ثم قال: «ألم يكن هيلبيرج يرتعش؟» «ماذا؟» نظرت فاندا ناحية أندرياس الذي كان يقف أمام الباب يراقب الطرقة. «أقصد مرض باركنسون، هل كان يعاني من الشلل الرعاش؟» «هل من الممكن أن نتحدث عن ذلك لاحقا؟» لاحظت فاندا أنها بدأت تتوتر. «أفضل أن تخبرني ماذا بعد؟» «هل تستطيعين رؤية النتوء أسفل الجهاز الحوفي؟ إنه الوطاء، ومنه يمتد الحصين. لا بد أنك تعرفت عليه. إنه مركز كل ما يدخل إلى أنوفنا، إن كانت جزيئات النانو قد دخلت فلا بد أننا سنجدها ها هنا. لكن ينبغي علينا أولا أن نواصل فحص كيف يبدو الوضع من الداخل. خذي قطعا أماميا على نفس ارتفاع الجسيمات الحلمية.» لم تعجبها بتاتا ومطلقا النبرة التي يحدثها بها، كما أن ما يطلب منها يوهانيس فعله كان يضايقها بشدة. «ألم نتفق بالأمس على أخذ بعض الأنسجة فحسب حتى لا نلفت النظر، والآن وفجأة علي أن أشرح هذا الشيء؟ إن أي عامل في قسم التشريح سيلاحظ أن أمرا ما ليس على ما يرام.» تمخطت فاندا بصوت عال. «هل علي أن أواسيك، أم لعلك تحتاجين مذيبا للمخاط؟» ألا يستطيع ألا يغير الموضوع. تنحنحت فاندا، فكان عليه أن يسمع أنها غاضبة.
أكمل يوهانيس بنبرة أكثر جدية: «لقد أظهرت فئران زابينة النافقة أعراض عته مبكر. وحيواناتك أيضا إن كان من المسموح لي أن أذكرك بهذا ... هل أصابك ألزهايمر فنسيت أننا نبحث عن تشابهات.» فكرت فاندا وهي تشق بالسكين «ليتك تغلق فمك.»
كانت هذه واحدة من اللحظات النادرة التي تنجز فيها عدة مهام في آن واحد، والتي عادة تسعد بتذكرها، إلا أن هذه المرة خاصة جاءتها كصدمة. لقد انحشر سكين التشريح في منتصف شق مخ هيلبيرج حين انطفأ النور فجأة، ووجدت أندرياس أمامها يهمس بأمر ما. لم تفهم منه شيئا لأن ثرثرة يوهانيس سدت أذنيها. حبست فاندا أنفاسها، اللعنة، سأفسد كل شيء. هذا الأحمق. لماذا؟ أكملي! من يقول ذلك؟ أعمى؟ أكملي! ارتطم السكين بالرف السفلي محدثا طقطقة مكتومة. شعرت فاندا كيف أن كتلة الأنسجة تنحل بعضها من بعض. وفي الضوء الشاحب الذي تسلل من المدخل إلى الغرفة رأت أندرياس، كان ينظر متوترا نحو الطرقة. رفع يده في إشارة لها أن تظل ساكنة.
Неизвестная страница