Тасвир ва Аклам Мусаввирин Фи Ислам
التصوير وأعلام المصورين في الإسلام
Жанры
فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا * فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا * وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا .
وهكذا نرى أن كراهية التصوير في الإسلام لم تمنع من ازدهار التصوير على يد الإيرانيين والهنود والترك بل لم تمنع المصورين من رسم بعض الموضوعات الدينية بغير أن يتخذوا التصوير وسيلة لشرح عقائد الدين الإسلامي وبغير أن يكون للفنانين المسلمين ما كان للفنانين المسيحيين من شعور بأنهم دعامة من دعائم الكنيسة، وبأن منتجاتهم تساعد على بعث روح الصلاح والتقوى في بني دينهم، والمعروف أن بعض النقاد في الفنون الغربية يشكون من هذا الاتصال الوثيق الذي كان بين الفنانين والكنيسة حتى غلب على منتجاتهم الطابع الديني إلى عصر غير بعيد. أما في الإسلام فإن العكس صحيح، إذ كان رجال الفن منبوذين من رجال الدين.
وقد كان لكراهية التصوير في الإسلام صداها في المسيحية في فترة من الزمن إذ لا ريب في أنها كانت الأساس الذي قامت عليه حركة كاسري الصور
iconoclasts
عند المسيحيين في القرن الثامن الميلادي. وقد فطن إلى ذلك رجال الدين الذين عقدوا مجمع نيقية سنة 787 وشجبوا الحركة المذكورة قائلين إن خلع الصور من جدران الكنائس وكسر التماثيل كان مأخوذا عن المسلمين.
مدرسة بغداد
كان للمسلمين إذن تصوير ليس لنا أن نقارنه بالتصوير في الفنون الأخرى لأنه وحيد في بابه. وعلى الرغم من أن الصور الإسلامية كانت كثيرة التشابه فقد نشأت في الإسلام طرز أو مدارس في التصوير، لها مميزاتها، ويمكن أن يفرق ذوو الإلمام بالفنون الإسلامية بين منتجات كل مدرسة من هذه المدارس. فالصور التي تنسب إلى مدرسة العراق أو مدرسة بغداد موجودة في بعض مخطوطات الكتب القديمة العربية أو الفارسية ألفت أو ترجمت في العلوم والطب والحيل الميكانيكية، ككتاب الحيل الجامع بين العلم والعمل للجزري، وكتاب عجائب المخلوقات للقزويني، كما نجدها أيضا في بعض مخطوطات الكتب الأدبية ككليلة ودمنة ومقامات الحريري. وكانت منتجات هذه المدرسة العراقية شرحا للمتن أو إيضاحا له. وكانت نشأتها على يد فنانين من أتباع الكنيسة المسيحية الشرقية أو من المسلمين الذين تأثروا بأساليبهم الفنية أشد التأثير، بعد أن أخذ المسلمون الفنون والصناعات عن أهل الأمم التي فتحوها، وعلى كل حال فإن المدرسة العراقية في التصوير الإسلامي تمتاز بأنها عربية أكثر منها إيرانية، فالأشخاص في منتجاتها تلوح عليهم مسحة سامية ظاهرة، وتغطي وجههم لحى سود فوقها أنوف قنسي، وكثيرا ما نرى في الصور التي توضح حيل أبي زيد السروجي في مقامات الحريري شيئا كثيرا من دقة التعبير والمهارة في تصوير الجموع. وتمتاز منتجات هذه المدرسة بأكاليل النور التي يرسمها الفنانون حول رؤوس الأشخاص، وبالملابس المزركشة والمزينة بالأزهار، وبالطريقة الاصطلاحية البسيطة التي ترسم بها الأشجار، وبالملائكة ذوي الأجنحة المدببة، وأكثر هذه الأساليب الفنية مأخوذ عن الصور التي كان يرقمها أتباع الكنيسة المسيحية الشرقية في الشرق الأدنى.
ولم يصل إلينا من أسماء الفنانين الذين قامت على أكتافهم هذه المدرسة إلا اثنان: هما عبد الله بن الفضل ويحيى بن محمود بن يحيى بن الحسن الواسطي. والواقع أن الفنون الشرقية عامة لم تنم فيها شخصيات الفنانين تمام النمو، ولم يشعر أكثرهم بحقهم الطبيعي في الافتخار بما تصنع أيديهم، وذلك بتسجيل أسمائهم على منتجاتهم، ولذلك فإن لدينا عددا وافرا من التحف الإسلامية المتقنة الصنع الجميلة الزخرف، والتي بذل صانعوها الجهود الوافرة في سبيل إخراجها بغير أن يفطنوا أو يسمح لهم بالتوقيع على هذه الآثار الفنية. ومن ثم فقد كانت دراسة الفنون الإسلامية غير يسيرة لعدم توافر العناصر اللازمة لتقسيم التحف بحسب صناعها وأساليبهم في الصناعة، اللهم إلا في بعض النواحي كالتحف المعدنية المصنوعة في الموصل، أو مثل بعض الخزف المصري من عصري الفاطميين والمماليك، أو في كثير من الصور الإيرانية والهندية منذ القرن السادس عشر.
ومهما يكن من شيء فإن عبد الله بن الفضل كتب وصور سنة 619ه/1222 ميلادية مخطوطا من كتاب خواص العقاقير، فيه نحو ثلاثين صورة تناولتها أيدي التجار فوزعتها بين المتاحف والمجموعات المختلفة، وقد رأينا خمسة منها في معرض الفن الإيراني بلندن سنة 1931، كما أن كثيرا من صور هذا المخطوط مرسوم في المؤلفات المختلفة عن الفنون الإسلامية.
وعلى كل حال فإن أشهرها صورة رجلين كل منهما تحت شجرة وبينهما وعاء يحركه أحدهما بعصا في يده وتمثل هذه الصورة صناع الرصاص. وهناك صورة أخرى في المتحف المتروبوليتان بنيويورك تمثل طبيبا يحضر الدواء للسعال، كما أن في متحف اللوفر بباريس صورة أخرى تمثل طبيبا يحضر دواء. ومهما يكن من شيء فإن التأثير البوزنطي ظاهر في كل هذه الصور التي رقمها عبد الله بن الفضل، فأكبر الظن أنه كان تلميذا لفنان مسيحي في العراق، وليس ببعيد أنه كان مسيحيا اختار الإسلام وتسمى باسم عبد الله كما يفعل أغلب المسيحيين الذين يعتنقون الدين الإسلامي.
Неизвестная страница