Тасвир ва Аклам Мусаввирин Фи Ислам
التصوير وأعلام المصورين في الإسلام
Жанры
وأكبر الظن أنه كان مكروها منذ عصر النبي عليه السلام، وأن الباعث على ذلك رغبة ملحة في حماية المسلمين من الأصنام والتماثيل والصور التي تقودهم إلى نسيان الخالق وإلى عبادة هذه الأشياء. فضلا عن أن رجال الدين كانوا يرون أن في تجسيم المخلوقات الحية أو تصويرها تقليدا للخالق عز وجل، يجب النهي عنه.
ورأينا أن كراهية التصوير كانت عامة بين رجال الدين من سنيين وشيعة، ولكن تعاليمهم في هذا الشأن لم تكن متبعة في كل العصور ولا في كل البلاد. ولاحظنا أن صناعة التصوير ازدهرت في بعض أنحاء العالم الإسلامية، ولا سيما في الأقاليم التي كانت لها تقاليد فنية عظيمة في النحت والتصوير كإيران، وفي البلاد أو الأسرات الحاكمة التي تأثرت بما أنتجته إيران في هذا الصدد كالهند وتركيا والدولة الفاطمية. وقد أشرنا في هذا الصدد إلى ما يذكره بعض العلماء من أن الشعوب الإسلامية التي لم تكن سامية الأصل، كانت أكثر الشعوب الإسلامية مخالفة لتعاليم رجال الدين المسلمين في كراهية التصوير، لأن أكثر العلماء يحسبون أن الشعوب السامية كانت تحس شعورا نفسانيا يبعدها عن التصوير وكانت تنسب إلى الصور والمجسمات أخطارا وشرورا جمة، ولم يكن لها في ميدان النحت والتصوير أساليب فنية ورثتها عن الشعوب القديمة التي كانت تمت إليها بصلة القرابة أو الجوار.
وقد ذكرنا أن كره النحت والتصوير في الإسلام جعل الفنانين ينصرفون إلى ممارسة ضروب أخرى من الزخرفة بعيدة عن تجسيم الطبيعة أو تصويرها. وقد وفقوا في ذلك كل التوفيق. وأحدثوا في ميدان الرسوم والزخارف عناصر نباتية نسبت إليهم، فصارت تعرف في الاصطلاح الفني باسم «أرابسك».
وقصارى القول أن الفن الإسلامي تخلى بخضوعه لتحريم التصوير في ميدانين عظيمين من ميادين العبقرية الفنية التي امتازت بها الفنون الأخرى، ولا سيما فنون الغرب التي ورثت الأساليب الفنية الإغريقية. هذان الميدانان هما النحت وتصوير اللوحات الفنية على النحو الذي نعرفه في الفنون الأوروبية وفنون الشرق الأقصى. فالتصوير الذي ازدهر في إيران وتركيا والهند كان في أكثر الأحيان موقوفا على توضيح الكتب وتزيينها، سواء في ذلك الكتب العلمية أو كتب التاريخ والأدب ودواوين الشعر وكانت له أساليب فنية اصطلاحية تجعله ميدانا في التصوير قائما بذاته.
وفضلا عن ذلك فإن المساجد والأضرحة والعمائر الدينية عموما، وكل ما يتصل بها من أثاث، وكذلك المصاحف، انصرف الفنانون في زخارفها عن رسوم الكائنات الحية فصارت لا صور فيها ولا تماثيل يستعان بها على توضيح تاريخ الدعوة وشرح العقائد الدينية وسيرة أبطال الملة كما كان الحال في مذهب المانوية أو البوذية أو في الدين المسيحي. وإن يكن بعض الباحثين قد عثروا على مصحف فيه بعض الصور
1
فإن مثل هذه الحالة نادرة جدا فضلا عن أن هذا المصحف لا يرجع إلى العصور الوسطى، وإنما هو من القرن التاسع عشر، ويمكن تبريره ببعض التأثير والتسامح الديني الذي نتج من اختلاط الغرب بالشرق ومن البعثات الإيرانية في أوروبا.
التصوير الديني في الإسلام
ولكننا لا نستطيع أن ننفي قطعيا وجود أي تصوير ديني في الإسلام، فإن بعض المصورين الإيرانيين عمد إلى حياة النبي وإلى بعض الحوادث الجسام في تاريخ الإسلام فاتخذ منها موضوعات لصور كانت تشتمل في بعض الأحيان على رسم النبي
صلى الله عليه وسلم . بيد أن هذه الصور نادرة جدا، ولم تحز رضاء رجال الدين في يوم من الأيام، بل إن أكبر الظن أنهم كانوا لا يعلمون عنها شيئا، وإلا لما قدر لها أن تعيش بما فيها من تحد مضاعف، بالتصوير في حد ذاته، وبتصوير النبي نفسه فضلا عن ذلك.
Неизвестная страница