Основы метафизики нравственности
تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق
Жанры
والجانب العقلي باسم الأخلاق.
لقد كسبت الحرف، والصناعات اليدوية، والفنون عن طريق تقسيم العمل، فلم يعد واحد بمفرده يقوم بعمل كل شيء، بل اختص كل بعمل معين يختلف في طريقة أدائه عن غيره من الأعمال اختلافا ملحوظا، وذلك لكي يتسنى له أن يصل به إلى أعظم حظ من الكمال وأن يتمه في سهولة ويسر. وحينما يدعي كل إنسان أنه رب ألف صنعة وصنعة، هنالك تكون الصنائع على حال من الفوضى لا مزيد عليها.
ولكن إذا صح أنه لا يخلو من فائدة أن نسأل: إن لم يكن على الفلسفة الخالصة بجميع أقسامها أن تبحث عن رجلها المقتدر، وإن لم يكن من الخير لصناعة العلم بجميع أحوالها أن يحذر هؤلاء الذين اعتادوا أن يمزجوا ما هو تجريبي بما هو عقلي بما يتفق ومزاج الجمهور على حسب مقادير ونسب مجهولة لهم هم أنفسهم ممن يلقبون أنفسهم بالمفكرين المستقلين وغيرهم ممن يعدون القسم العقلي وحده ويسمون أنفسهم بالمفكرين المتأملين؛ أقول أن يحذر هؤلاء وأولئك من أن يقوموا بممارسة عملين في وقت واحد، يختلف كل منهما عن صاحبه في طريقة تناوله اختلافا بينا، ويتطلب كل منهما ممن يقوم به موهبة من نوع خاص، ولا يؤدي الجمع بينهما في شخص واحد إلا إلى إخراج العاجزين، إذا صح هذا، فإنني أكتفي بأن أتساءل: ألا تتطلب طبيعة العلم التفرقة بعناية بين جزئه العملي وبين جزئه العقلي، وأن نقدم للفزياء (التجريبية) بميتافيزيقا الطبيعة وأن نسبق الأنثروبولوجيا العملية بميتافيزيقا الأخلاق بحيث ينقى كلاهما من كل عنصر تجريبي لكي نعرف مقدار ما يستطيع العقل الخالص في كلتا الحالتين أن يحققه ومن أي المنابع يستمد هو نفسه تعليمه القبلي هذا، يستوي في ذلك أن يقوم بهذه المهمة الأخيرة جميع معلمي الأخلاق (الذين يحملون اسم الفرقة) أو أن يقوم بها بعضهم ممن يشعرون أنهم أكفاء له.
ولما كنت أوجه عنايتي هنا إلى حكمة الأخلاق بوجه خاص، فإنني أحدد السؤال الذي طرحته من قبل على هذا النحو: أليس من صواب الرأي أن من أشد الأمور ضرورة إعداد فلسفة أخلاقية خالصة، نقية نقاء تاما من كل ما يمكن أن يكون تجريبيا ومن كل ما يتصل بعلم الإنسان (الأنثروبولوجيا) بسبب؛ ذلك أن ضرورة وجود مثل هذه الفلسفة أمر يتضح بذاته من الفكرة المعتادة التي لدينا عن الواجب وعن القوانين الأخلاقية. إن كل إنسان لا بد أن يسلم بأن قانونا يراد له أن يكون قانونا أخلاقيا؛ أعني قاعدة التزام، لا بد أن يحمل طابع الضرورة المطلقة، وأن الوصية التي تقول: ينبغي عليك ألا تكذب؛ لا يمكن أن تكون صلاحيتها مقصورة على بني الإنسان وحدهم بحيث لا يكون لغيرهم من الكائنات العاقلة بها شأن، وهكذا الأمر مع كل القوانين الأخلاقية الأخرى، وفضلا عن هذا فإن قاعدة الإلزام هنا لا ينبغي أن تلتمس في طبيعة الإنسان ولا في ظروف العالم الذي وضع فيه، بل إنه لا بد من البحث عنها بطريقة قبلية في تصورات العقل الخالص وحدها، وإن كل التعاليم (الأخلاقية) الأخرى التي تقوم على مبادئ التجربة البحتة، بل تلك التي تعد بوجه من الوجوه تعاليم عامة، حيثما ارتكزت على قاعدة تجريبية، ولو كان ذلك في أقل أجزائها، وقد يكون أحد الدوافع التي دفعت إليها. نقول إن مثل هذه التعاليم قد نستطيع أن نسميه قاعدة للسلوك العملي، ولكننا لا نستطيع بحال من الأحوال أن نطلق عليه اسم القانون الأخلاقي.
وهكذا تمتاز القوانين الخلقية - بما في ذلك المبادئ التي تقوم عليها بين كل المعارف العملية - من كل ما سواها مما يشتمل على أي عنصر تجريبي، لا من حيث الجوهر فحسب، بل إن كل فلسفة أخلاقية تستند استنادا تاما على الجزء الخالص منها، وعند تطبيقها على الإنسان فإنها لا تستعير أقل نصيب من المعرفة به [أي من الأنثروبولوجيا] بل تعطيه، بوصفه كائنا عاقلا، قوانين قبلية، تتطلب بالطبع من خلال التجربة ملكة حكم حادة، لكي يمكن من ناحية تمييز الحالات التي يستطاع تطبيقها عليه، ولكي يتيسر من ناحية أخرى أن تجد سبيلها إلى إرادة الإنسان وأن تؤثر الأثر المؤدي إلى ممارستها؛ ذلك أن الإنسان، وهو الكائن الذي ينفعل بالكثير من النزعات، يقوى حقا على إدراك فكرة عقل عملي خالص، ولكنه لا يستطيع بسهولة أن يجعلها تؤثر على مجرى حياته تأثيرا فعالا.
وإذن فإن ميتافيزيقا الأخلاق ضرورية ضرورة لا غنى عنها، لا عن دافع من دوافع التأمل المجرد فحسب يستهدف البحث في مصدر القواعد الأخلاقية الموجودة في عقلنا وجودا قبليا، بل لأن الأخلاق نفسها لا تفتأ تتعرض لألوان من الفساد لا حصر لها، ما بقيت مفتقرة إلى ذلك المقياس والمعيار الأعلى الذي لا بد منه للحكم عليها حكما صحيحا؛ ذلك لأن كل ما ينبغي له أن يكون خيرا من الناحية الأخلاقية لا يكفي فيه أن يكون «مطابقا» للقانون الخلقي، بل لا بد له كذلك أن يحدث «من أجله»، وإلا كان هذا التطابق من قبيل الصدفة وكان تطابقا فاسدا؛ ذلك لأن القاعدة غير الأخلاقية قد تتولد عنها من حين إلى آخر أفعال مطابقة للقانون، ولكنها لا تنتج في أغلب الأحيان غير أفعال منافية للقانون الخلقي. أما والقانون الخلقي في نقائه وأصالته (وعلى هذين يعول في السلوك العملي) لا يمكن البحث عنه في غير فلسفة نقية خالصة، فلا بد لهذه الميتافيزيقا أن تسبقه وتتقدم عليه، وبغيرها لن يقوم لفلسفة أخلاقية وجود، بل إن الفلسفة التي تخلط تلك المبادئ الخالصة بالمبادئ التجريبية لا تستحق أن تسمى فلسفة (ذلك لأن الفلسفة تتميز من المعرفة العقلية الشائعة بأنها تعرض ما تتصوره هذه مختلطا على هيئة علم مستقل بذاته) ولا تستحق حتى أن تسمى فلسفة أخلاقية؛ لأنها بهذا الخلط إنما تفسد نقاء الأخلاق وتتعارض مع الهدف الذي تريد هي نفسها تحقيقه.
ولا يحسبن أحد أن ما نطالب به ها هنا قد ذكر من قبل في المقدمة التي وضعها فولف
Wolff
7
الشهير لفلسفته الأخلاقية؛ أعني لما سماه بالحكمة العملية العامة، وأننا هنا لا نطرق حقلا جديدا.
Неизвестная страница