سورة البقرة
مدنية إلا آية ٢٨١ فنزلت بمنى في حجة الوداع وآياتها مائتان وست وثمانون وهي أول سورة نزلت بالمدينة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة البقرة) الم اختلف فيه وفي سائر حروف الهجاء في أوائل حروف السور، وهي: المص، والر، والمر، وكهيعص، وطه، وطسم، وطس، ويس، وص، وق، وحم، وحم عسق، ون. فقال قوم: لا تفسر لأنها من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلّا الله، قال أبو بكر الصديق: لله في كل كتاب سرّ، وسرّه في القرآن فواتح السور، وقال قوم تفسر، ثم اختلفوا فيها، فقيل: هي أسماء الله، وقيل: أشياء أقسم الله بها، وقيل: هي حروف مقطعة من كلمات: فالألف من الله، واللام من جبريل، والميم من محمد صلّى الله عليه واله وسلّم، ومثل ذلك في سائرها، وإعراب هذه الحروف يختلف بالاختلاف في معناها فيتصور أن تكون في موضع رفع أو نصب أو خفض. فالرفع على أنها مبتدأ أو خبر ابتداء مضمر، والنصب على أنها مفعول بفعل مضمر، والخفض على قول من جعلها مقسما بها كقولك:
الله لأفعلن ذلِكَ الْكِتابُ هو هنا القرآن، وقيل: التوراة والإنجيل، وقيل: اللوح المحفوظ وهو الصحيح الذي يدل عليه سياق الكلام ويشهد له مواضع من القرآن.
والمقصود منها إثبات أن القرآن من عند الله كقوله: تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ [السجدة: ٢] يعني القرآن باتفاق، وخبر ذلك: لا ريب فيه، وقيل: خبره الكتاب فعلى هذا «ذلك الكتاب» جملة مستقلة فيوقف عليه لا رَيْبَ فِيهِ أي: لا شك أنه من عند الله في نفس الأمر في اعتقاد أهل الحق، ولم يعتبر أهل الباطل، وخبر لا ريب:
فيه، فيوقف عليه، وقيل: خبرها محذوف فيوقف على «لا ريب» . والأول أرجح لتعيّنه في قوله: «لا ريب» في مواضع أخر.
فإن قيل: فهلا قدم قوله فيه على الريب كقوله: «لا فيها غول»؟ فالجواب: أنه إنما قصد نفي الريب عنه. ولو قدم فيه: لكان إشارة إلى أن ثمّ كتاب آخر فيه ريب، كما أن «لا فيها غول» إشارة إلى أن خمر الدنيا فيها غول، وهذا المعنى يبعد قصده فلا يقدم الخبر.
1 / 68