يلقن القرآن إلّا على حرفه خاصة في الفرش. وقد صحت فراسة شعبة حين قال: (انظر ما يقرأ أبو عمرو مما يختار لنفسه فإنه سيصير للناس إسنادا) . وكان يونس بن حبيب يقول:
(لو قسم علم أبي عمرو وزهده على مائة إنسان لكانوا كلهم علماء زهادا والله لو رآه رسول الله ﷺ لسرّه ما هو عليه) .
حفص الدوري: هو ابن عمر بن العزيز، أبو عمر الأزدي البغدادي النحوي الضرير (٢٤٦ هـ) . إمام القراءة وشيخ الناس في زمانه، ثقة ثبت كبير ضابط. أول من جمع القراءات، وقرأ بالسبعة وبالشواذ وسمع من ذلك شيئا كثيرا.
قرأ على الكسائي، وأخذ قراءة نافع عن إسماعيل بن جعفر، وقراءة يزيد بن القعقاع عن بن جمّاز. وقراءة حمزة عن محمد بن سعدان، ولأبي بكر عن عاصم، وعن يحيى اليزيدي قراءة أبي عمرو.. وغيرهم.
وأخذ عنه القراءة جمع كبير، قال أبو داود: رأيت أحمد بن حنبل يكتب عن أبي عمر الدوري.
السوسي: صالح بن زياد، أبو شعيب السوسي الرقي (٢٦١ هـ) مقرئ ضابط محرر ثقة. أخذ القراءة عرضا وسماعا عن أبي محمد اليزيدي (قراءة أبي عمرو)، وقرأ على حفص قراءة عاصم. وأخذ عنه القراءة جماعة. مات وقد قارب السبعين.
٤- ابن عامر الدمشقي: عبد الله أبو عمران اليحصبي (٨- ١١٨ هـ) .
إمام أهل الشام في القراءة، وإليه انتهت مشيخة الإقراء فيها. أخذ القراءة عرضا عن الصحابي الجليل أبي الدرداء مقرئ أهل الشام، وعلى المغيرة بن أبي شهاب عن عثمان بن عفان، وعلى قراءته أهل الشام والجزيرة تلاوة وصلاة وتلقينا إلى قريب الخمسمائة. تولى قضاء دمشق بعد أبي إدريس الخولاني وإمامة الجامع بدمشق وكان ناظرا على عمارته حتى فرغ، لا يرى فيه بدعة إلا غيّرها، وائتمّ به الخليفة عمر بن عبد العزيز.
كان إماما عالما ثقة فيما أتاه، متقنا لما وعاه، عارفا فهما قيما فيما جاء به، صادقا فيما نقله، من أفاضل المسلمين وخيار التابعين وأجلة الراوين.
روى القراءة عنه جماعة منهم يحيى بن الحارث الذماري وهو الذي خلفه في القيام بالقراءة، وأخوه عبد الرحمن بن عامر وخلاد بن يزيد وغيرهم.
هشام بن عمار: أبو الوليد السلمي الدمشقي (١٥٣- ٢٤٥ هـ) . إمام أهل دمشق وخطيبهم ومحدثهم ومقرئهم ومفتيهم. أخذ القراءة عرضا عن أيوب بن تميم وعراك بن خالد وسويد بن عبد العزيز وغيرهم.
وروى القراءة عنه أبو عبيد القاسم بن سلّام قبل وفاته بنحو أربعين سنة، وأحمد بن يزيد الحلواني وخلق كثير. لما توفي أيوب بن تميم رجعت القراءة في الشام إلى ابن ذكوان
1 / 54