فِي الْمَدْح والذم أَو الْبَيَان أَو نَحْوهَا من الإتباع اعْتِبَارا بتكثير الْجمل وَلَا سِيمَا الْقطع إِلَى الرّفْع فَأن الْجمل الإسمية لَهَا شرف على غَيرهَا وَلَوْلَا ذَلِك مَا ارتكبوا فِيهِ الْخُرُوج من خفض إِلَى رفع وَنَحْوه وَذَلِكَ نَحْو قَوْلهم مَرَرْت بزيد الْفَاضِل الْكَرِيم بخفض الْفَاضِل وَرفع الْكَرِيم وَهَذَا غَايَة فِي بعد الحركتين.
والإتباع بعد الْقطع يلْزمه مِنْهُ الرُّجُوع عَن قصد الْكَمَال إِلَى النَّقْض وَأَيْضًا فَأن الْعَرَب إِذا انصرفت عَن الشئ لَا تحب العودة إِلَيْهِ.
قَالَ شيخ شُيُوخنَا الْأُسْتَاذ أَو عبد الله مُحَمَّد بن الفخار الشهير بالبيري الغرناطئ فِي شَرحه على الْجمل المانة من الإتباع بعد الْقطع مَا صرح بِهِ الشَّاعِر فِي قَوْله
(إِذا انصرفت نَفسِي عَن الشَّيْء لم تكد ... إِلَيْهِ بِوَجْه آخر الدَّهْر ترجع)
فَكَانَ من طباع الْعَرَب وعلو همتها إِذا انصرفت عَن الشَّيْء لم تعد إِلَيْهِ فَجعلُوا لذَلِك ألفاظهم جَارِيَة على حد معانيهم.
وَقَالَ أحد نحاة قزطبةٌ وأدبائها الْمَانِع من ذَلِك مَا يلْزم عَلَيْهِ من تسفل بعد تصعد وقصور بعد كَمَال. بَيَان ذَلِك أَن الْقطع أبلغ فِي الْمَعْنى المُرَاد من الإتباع وَلَو ذَلِك الْمَعْنى مَا ذهب بِهِ ذَلِك الْمَذْهَب الْبعيد وَهَذَا بَين إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
(حِكَايَة لَطِيفَة) تتَعَلَّق بِمَا نَحن فِيهِ كنت بِمَسْجِد قيسارية غرناطة أدامها الله لِلْإِسْلَامِ وَعمرَة بِذكرِهِ انْتظر شَيخنَا أَبَا الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن سَمِعت
1 / 29