- ٦٥ -
وقال أبو بكر ابن هذيل في قضبان الرياض
وهبوب الرياح عليها
هبت لنا ريح الصبا فتعانقت ... فذكرت جيدك في العناق وجيدي
وإذا تألف في أعاليها الندى ... مالت بأعناق ولطف قدود
وإذا التفت بالريح لم تبصر بها ... إلا خدودًا تلتقي بخدود
فكأن عذرة بينها تحكي لنا ... (١) صفة الخضوع وحالة المعمود
تيجانها طل وفي أعناقها ... منه نظام قلائد وعقود
وترشني منه الصبا فكأنه ... من ماء وردٍ ليس للتصعيد
فكأنما فيها لطيمة عاطر ... (٢) فتثير نارًا في مجامر عود
شغلت بها الأنداء حتى خلتها ... (٣) يبسطن أندية بها للصيد
وتجلببت زهرًا فخلت (٤) بأنها ... فوقي نثائر (٥) نادفٍ مجهود ثم وصف ذباب الروض فقال
وتمتعت بذبابها فرياضها ... لبست كمثل المرتع المورود
غنى فأسمعني (٦) وغاب فلم تقع ... عيني عليه في الكلا المنضود
فكأن وتر الموصلي ومعبدٍ ... بيديه فهو يصوغ كل نشيد
_________
(١) عذرة: يعني قبيلة عذرة المنسوب إليها الحب العذري؛ المعمود: الذي عمده الحب أي أنحله وأمرضه.
(٢) اللطيمة: العطر.
(٣) الصيد: جمع أصيد وهو التياه والأصل فيه أن عنقه مائلة تيهًا ويوصف بذلك الملوك والسادة؛ ولعل الصواب " للعيد " وكلمة " أندية " لها وجه في القرينة، وقد تقرأ " أردية ".
(٤) ص: لخلت.
(٥) ص: بشائر.
(٦) ص: فاستغنى.
1 / 51