Исламский суфизм в литературе и морали
التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق
Жанры
وهذه الشواهد - عند التأمل - لا تقل خطرا عن الرائع المتخير من كلام الكتاب الفحول.
التصوف في الأدب وفي الأخلاق
يضاف إلى ذلك ما في إشارات الصوفية من بوارق الذكاء، والذكاء هو السر في الروعة الأدبية، ولننظر هذا الشاهد وقد أثبته ابن قتيبة في عيون الأخبار:
19
كان فتى يجالس سفيان الثوري ولا يتكلم، وكان سفيان يحب أن يتكلم ليسمع كلامه، فمر به يوما فقال له: يا فتى! إن من كان قبلنا مروا على خيل وبقينا على حمير دبرة. فقال الفتى: يا أبا عبد الله! إن كنا على الطريق فما أسرع لحوقنا بالقوم!
وللصوفية مواقف في الرثاء لم أر من اهتم بها ممن جمعوا المتخير في الرثاء، وانظروا كيف تكون جودة المعنة، وقوة السبك، ومتانة الديباجة، في قول ابن السماك يوم مات داود الطائي ، وهو رثاء فريد عرف قائله كيف يحدد خصائص من بكاه:
إن داود - رحمه الله - نظر بقلبه إلى ما بين يديه من آخرته، فأعشى بصر القلب بصر العين، فكان كأنه لا ينظر إلى ما إليه تنظرون، وكأنكم لا تنظرون إلى ما إليه ينظر، فأنتم منه تعجبون وهو منكم يعجب، فلما رآكم راغبين مذهولين مغرورين قد أذهلت الدنيا عقولكم، وأماتت بحبها قلوبكم، استوحش منكم، فكنت إذا نظرت إليه نظرت إلى حي وسط أموات.
يا داود! ما أعجب شأنك بين أهل زمانك! أهنت نفسك وإنما تريد إكرامها، وأتعبتها وإنما تريد راحتها، أخشنت المطعم وإنما تريد طيبه، وأخشنت الملبس وإنما تريد لينه، ثم أمت نفسك قبل أن تموت، وقبرتها قبل أن تقبر، وعذبتها ولما تعذب، وأغنيتها عن الدنيا لكيلا تذكر، رغبت نفسك عن الدنيا فلم ترها لك قدرا إلى الآخرة، فما أظنك إلا وقد ظفرت بما طالبت، كان سيماك في سرك ولم يكن سيماك في علانيتك، تفقهت في دينك وتركت الناس يفتون،
20
وسمعت الحديث وتركتهم يحدثون، وخرست عن القول وتركتهم ينطقون، لا تحسد الأخيار ولا تعيب الأشرار، ولا تقبل من السلطان عطية ولا من الإخوان هدية، آنس ما تكون إذا كنت بالله خاليا، وأوحش ما تكون آنس ما يكون الناس، فمن سمع بمثلك، وصبر صبرك، وعزم عزمك! لا أحسبك إلا وقد أتعبت العابدين بعدك، سجنت نفسك في بيتك فلا محدث لك، ولا جليس معك، ولا فراش تحتك، ولا ستر على بابك، ولا قلة يبرد فيها ماؤك، ولا صفحة يكون فيها غذاؤك وعشاؤك، مطهرتك قلبك، وقصعتك تورك.
Неизвестная страница