Тасаввуф: Духовная революция в Исламе
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Жанры
فإذا تركنا المعنى اللغوي جانبا، وجدنا التعريف يحتوي نوعين من التوحيد: التوحيد في عرف العلماء وهو توحيد الاعتقاد، والتوحيد في عرف الصوفية وهو توحيد المعرفة والشهود، والأول علم وتصديق إن كان دليله نقليا، وهو توحيد العوام، وعلم وتحقيق إن كان دليله عقليا، وهو توحيد النظار من المتكلمين والفلاسفة، ويقرب من هذا ما أورده العروسي في حاشيته على شرح الأنصاري على الرسالة القشيرية
10
حيث يقول: «قال بعضهم: التوحيد إفراد الحق تعالى بالقصد والعبادة، فإن كان ذلك اعتقادا يقال للعبد مؤمن بالتوحيد، وإن كان علما من أدلة يقال له عالم بالتوحيد، وإن كان لغلبة الحق على القلب يقال إنه عارف بربه.»
والنوع الأول بقسميه - توحيد النقل وتوحيد العقل - غير مأمون العاقبة؛ إذ المصدق عن طريق النقل وإن أقر بالتوحيد لا يسلم من أن تعتريه الشبه، والمصدق عن طريق النظر الفكري محجوب عن حقيقة التوحيد بعقله ونظره لأنه - في نظر الصوفية - لا يشاهد الوحدة الإلهية ما دام يرى لنفسه وجودا.
والنوع الثاني الذي هو توحيد المعرفة والشهود هو التوحيد الحاصل بالإدراك الذوقي في التجربة الصوفية. أو هو بعبارة أخرى تذوق لمعنى التوحيد ناشئ عن إدراك مباشر لما يتجلى في قلب الصوفي من معاني الوحدة الإلهية في حال تجل عن الوصف وتستعصي على العبارة، وهي الحال التي يستغرق فيها الصوفي ويفنى فيها عن نفسه وعن كل ما سوى الحق، فلا يشاهد غيره لاستهلاكه فيه بالكلية. يقول التهانوي:
11 «فيرى صاحب هذا التوحيد كل الذوات والصفات والأفعال متلاشية في أشعة ذاته (أي ذات الحق) وصفاته وأفعاله، ويجد نفسه في جميع المخلوقات كأنها مدبرة لها وهي أعضاؤها.» ثم يقول: ويرشد فهم هذا المعنى إلى تنزيه عقيدة التوحيد عن الحلول والتشبيه والتعطيل، كما طعن فيهم (أي الصوفية) طائفة من الجامدين العاطلين عن المعرفة والذوق؛ لأنهم إذا لم يثبتوا معه غيره فكيف يعتقدون حلوله فيه أو تشبيهه به، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ولكن قول التهانوي أن الصوفية لا يثبتون مع الله غيره، ولا مع صفاته صفات أخرى، ولا مع أفعاله أفعالا أخرى، إذا أخذ على إطلاقه، لا يجعل الصوفية من القائلين بالتوحيد، بل بوحدة الوجود، وهو معنى للتوحيد كادت المدرسة البغدادية في القرن الثالث - ومن زعمائها أبو القاسم الجنيد - أن تقول به كما سيأتي بيانه. «التوحيد» إذن شأنه شأن الإيمان الذي يتحدث عنه ابن خلدون في فصل علم الكلام في مقدمته: فكما أن الإيمان على درجات: منه إيمان بالقول، ومنه اعتقاد وتصديق بالقلب، ومنه حال للمؤمن أو ملكة فيه، أو صفة ممتزجة بكاينه تصدر عنها أفعاله صحيحة سليمة متمشية مع ما يطالب به الشرع من أوامر وما ينهى عنه من نواه، كذلك التوحيد: منه قول باللسان، واعتقاد بالقلب، ومنه حال للروح أو تجربة روحية يشهد فيها الموحد وحدانية الحق وانفراده بالألوهية الكاملة، ومن كمال الألوهية عند الصوفية إفراد الحق تعالى لا بالعبادة وحسب، بل بالفعل والقدرة والإرادة والتدبير. فهو واحد بمعنى أنه لا معبود غيره، وهو واحد أيضا بمعنى أنهم لا يشهدون غيره فاعلا وقادرا ومريدا ومدبرا، ويفصل هذا المعنى الإجمالي الذي أشار إليه التهانوي ما أورده القشيري من أقوال للصوفية في معنى التوحيد في الفصل الأول من رسالته تحت عنوان «بيان اعتقاد هذه الطائفة (الصوفية) في مسائل الأصول»
12
وفي الفصل الخاص الذي عقده في «التوحيد»،
13
Неизвестная страница