Тасаввуф: Духовная революция в Исламе
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Жанры
أما في «المدينة» فقد كان الزهد الساذج الذي استمد مادته وقوته من القرآن والحديث مباشرة، وكان النبي وصحابته المثال الذي احتذاه زهاد المسلمين، وظل الأمر على هذا النحو حتى بعد أن انتقلت قاعدة الخلافة من المدينة إلى دمشق زمن الأمويين، فإن أتقياء المسلمين الذين كانوا على مذهب السلف ظلوا مستمسكين بسلفيتهم، وقاوموا كل أثر يأتيهم من قبل بني أمية، سياسيا كان أو غير سياسي، وأبرز دليل على ذلك أبو ذر الغفاري المتوفى سنة 32 الذي قضى الشطر الأكبر الأكبر من حياته في مناهضة بني أمية وأساليب حياتهم وحكمهم، والسخط على أغنياء عصره، داعيا إلى حياة اشتراكية عادلة في حدود الإسلام وتعاليمه، ومن كبار زهاد هذه المدرسة أيضا حذيفة بن اليمان الذي كان أول من تكلم في القلوب وآفاتها ، ومنهم سلمان الفارسي، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبد الله بن مسعود، والبراء بن مالك الذي قال فيه النبي
صلى الله عليه وسلم : «رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه به لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك.»
وفي «المدينة» نفسها ظهر من جيل التابعين سعيد بن المسيب المتوفى سنة 90، وكان كأبي ذر الغفاري من أكبر المناوئين لبني أمية.
أما مدرسة «البصرة» فكانت إلى جانبها الإسلامي متأثرة إلى حد ما بثقافة الهند، لا سيما في الناحية العملية من التصوف حيث أخذ الصوفية بمبدأ تعذيب البدن بالصوم ونحوه لتطهير النفس والتخلص من آفاتها والصعود بها إلى عالمها العلوي، وفي «البصرة» بعد الصوفية عن الاشتغال بالسياسة وحاولوا إقامة التصوف على أساس عقلي وديني معتمدين على الكتاب والسنة وسيرة الصحابة، وأبرز شخصية في هذه المدرسة الحسن البصري المتوفى سنة 110ه.
وفي «الكوفة» ظهر التشيع لآل البيت، وقام الصوفية بدور هام في السياسة، وسواء أكان أول من تسمى باسم الصوفي جابر بن حيان الشيعي، أو أبا هاشم الكوفي، فإن هذا الاسم ظهر أول ما ظهر في «الكوفة» التي كانت آرامية الثقافة متأثرة بالمذهب المانوي الذي ظهر في تصوف الكوفيين في مسألة الحب الإلهي، وقد كان للتشيع أثر غير قليل في تصوف مدرسة «الكوفة»، بل كان يطلق على مذهب يكاد يكون شيعيا ظهر بها وكان آخر أئمته عبدك الصوفي الذي توفي في بغداد سنة 210، وكان من تعاليمه أن الدنيا حرام كلها لا يحل الأخذ منها إلا بالقوت، وكان لا يأكل اللحم، ويقول إن الإمامة بالتعيين، ومن أشهر رجال هذه المدرسة: طاووس بن كيسان من أهل اليمن مات بمكة سنة 105ه، وسعيد بن جبير الذي مات مقتولا.
وقد كانت الثقافة الآرامية التي امتازت بها مدرسة الكوفة امتدادا للفكر الفلسفي الشرقي الذي تكون خلال القرون الستة الميلادية الأولى، مستمدا مادته من الفكر اليوناني والفارسي؛ أي إنه كان مزيجا من الفلسفة الأرسطية والطب والكيمياء اليونانيين والميتافيزيقا الفارسية، فلما نقلت هذه الثقافة إلى اللغة العربية أثرت في الوسط الإسلامي عن طريقين:
الأول:
عن طريق تأثيرها في الفرق الشيعية المتطرفة، وبالتالي في الفكر الصوفي في ميدان البحوث الغنوصية.
الثاني:
عن طريق تأثيرها في المتكلمين في البحوث الميتافيزيقية.
Неизвестная страница