Тасаввуф: Духовная революция в Исламе

Абу аль-Ала Афифи d. 1385 AH
169

Тасаввуф: Духовная революция в Исламе

التصوف: الثورة الروحية في الإسلام

Жанры

وهو من الظواهر التي اختلف الصوفية في اعتبارها من الأحوال أو المقامات، وفي هل الرضا أفضل من الزهد أم الزهد أفضل منه.

وقد امتاز مذهب الحارث المحاسبي باعتبار الرضا حالا من الأحوال، وتبعه في ذلك الخراسانيون، وذهب أهل العراق إلى اعتباره مقاما من المقامات. هذا هو رأي الهجويري، ولكن القشيري يعكس هذا الوضع عكسا تاما ويقول: «واختلف العراقيون والخراسانيون في الرضا هل هو من الأحوال أو المقامات، فأهل خراسان قالوا: الرضا من جملة المقامات، وهو نهاية التوكل، ومعناه أنه يئول إلى أنه مما يتوصل إليه العبد باكتسابه، وأما العراقيون فإنهم قالوا: الرضا من جملة الأحوال، وليس ذلك كسبا للعبد، بل هو نازلة تحل بالقلب كسائر الأحوال.»

9

ويحاول القشيري أن يوفق بين الاتجاهين فيقول: «ويمكن الجمع بين اللسانين فيقال بداية الرضا مكتسبة للعبد وهي من المقامات، ونهايته من جملة الأحوال وليست مكتسبة.»

10

وليست المسألة مسألة ألفاظ، وإنما هي من المسائل التي تظهر فيها النظرة العميقة إلى كنه الحياة الصوفية باعتبار «الرضا» عنوان هذه الحياة وجوهرها: فإننا إذا اعتبرنا «الرضا» حالا من الأحوال، كان شيئا وهبيا يلقيه الله في قلب العبد، ويرد عليه عندما يرد على فترات، شأنه في ذلك شأن الأحوال الأخرى. أما إذا اعتبرناه «مقاما» فهو من الأمور الكسبية التي يحصلها السالك بالرياضة والمجاهدة والتفكير في حكمة الله وأفعاله، وما يصدق على «الرضا» يصدق على غيره من مظاهر الحياة الصوفية الأخرى كالتوبة والورع والمحبة: فإن لنا أن نتساءل عما إذا كانت هذه على الحقيقة أحوالا أو مقامات، أو بعبارة أخرى عما إذا كانت مواهب أو مكاسب؟ وقد يكون من المبالغة اعتبارها كلها من المواهب الإلهية التي لا دخل لأعمال العبد فيها، فإن هذا يذهب بقيمة المجاهدات والرياضات جملة. كما أن من المبالغة أن ذهب إلى أنها كلها من أكساب العبد فنسد الطريق على العناية الإلهية التي يختص بها الله من يشاء، والحل الوسط الذي يذهب إليه القشيري هو أفضل الحلول: فهي كسبية في بداية أمرها وهبية في نهايتها؛ أي إن الصوفي في بداية حاله ينازل نفسه ويجاهدها ويروضها فيسير بها في مقام الرضا أو الورع أو التوبة، ثم يهبه الله تعالى في هذه المقامات المواهب ويورد في قلبه الأحوال التي تزيده إيمانا ويقينا برضاه وورعه وتوبته.

ولكن «الرضا» نوعان: رضا من جانب العبد، ورضا من جانب الله. قال تعالى:

رضي الله عنهم ورضوا عنه ، ورضا الله عن العبد مجازاته على طاعته وإعلاء ذكره في الدنيا والآخرة، في حين أن رضا العبد عن الله هو الإذعان التام بإرادة الله والتسليم بقضائه وقدره والقيام بأمره، وبهذا يسبق الرضا الإلهي رضا العبد لأن من لا يرضى الله عنه لايوفقه إلى طاعته، فرضا العبد رهن برضا الله عنه ولازم من لوازمه.

وإذا حصل العبد في مقام الرضا استوى عنده المنح والمنع، والعطاء والحرمان، واللذة والألم، واستوت في نظره الأحداث خيرها وشرها، ما كان منها من مجالي الجلال الإلهي كالفقر والمرض في هذه الدنيا وكعذاب النار في الدار الآخرة، ومجالي الجمال الإلهي كالغنى والصحة في هذه الدنيا ونعيم الجنة في الدار الآخرة. سئل الحسين بن علي رضي الله عنه عن قول أبي ذر الغفاري: «الفقر أحب إلي من الغنى والسقم أحب إلى من الصحة»، فقال: «رحم الله أبا ذر. أما أنا فأقول: إن من اتكل على حسن اختيار الله تعالى لم يتمن غير ما اختاره الله عز وجل.» فالذي أجاب بن الحسين بن علي هو ترك إرادة العبد والتفويض التام لإرادة الله، وهذا هو الرضا الصحيح.

والصوفي الكامل هو الذي يحول نظره إلى المعطي دون الشي ء الذي أعطاه، فإذا أعطاه الله النعمى لا يكون رضاه بها من حيث هي نعمى، بل من حيث صدورها عن الله؛ لأن الرضا بالنعمى من حيث هي ارتكان إلى الأسباب. فالنعمى لا تكون نعمى إلا إذا أدت إلى المنعم.

Неизвестная страница